143 - ـ فصل : أجود الأشياء قطع أسباب الفتن .
ما رأيت أعظم فتنة من مقاربة الفتنة و قل أن يقاربها إلا من يقع فيها و من حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه .
قال بعض المعتبرين : قدرت مرة على لذة ظاهرها التحريم و تحتمل الإباحة إذ المر فيها مردد فجاهدت النفس فقالت : أنت ما تقدر فلهذا تترك فقارب المقدور عليه فإذا تمكنت فتركت كنت تاركا حقيقة .
ففعلت و تركت ثم عاودت مرة أخرى في تأويل أرتني فيه الجواز و إن كان الأمر يحتمل فلما وافقتها أثر ذلك ظلمه في قلبي لخوف أن يكون الأمر محرما فرأيت أنها تارة تقوى علي بالترخص و التأويل و تارة أقوى عليها بالمجاهدة و الإمتناع .
فإذا ترخصت لم آمن أن يكون ذلك المر محظورا ثم أرى عاجلا تأثير ذلك الفعل في القلب فلما لم آمن عليها بالتأويل تفكرت في قطع طمعها من ذلك الأمر المؤثر فلم أر ذلك إلا بأن قلت لها : قدري أن هذا الأمر مباح قطعا فو الله لا إله إلا هو لا عدت إليه .
فانقطع طمعها باليمين و المعاهدة و هذا أبلغ دواء وجدته في امتناعها لأن تأويلها لا يبلغ إلى أن تأمر بالحنث و التفكير .
فأجود الأشياء قطع أسباب الفتن و ترك الترخص فيما يجوز إذا كان حاملا و مؤديا إلى ما لا يجوز الله الموفق