وأما الذين غرهم بالله الغرور فهم الذين يعملون الأعمال ويشتغلون بالمنكرات ويقولون أن الله رحيم نرجو رحمته وكريم نتمنى مغفرته وهذا التمنى هو الغرور الذى غير الشيطان اسمه وسماه رجاء حتى خدع به كثيرا من الناس وقد شرح الله الرجاء بقوله الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا فى سبيل الله أولئك يرجون رحمة الله وقيل للحسن قوم يقولون نرجوا الله ويضيعون العمل فقال هيهات هيهات هلكت أمانيهم يتردون فيها من رجا شيئا طلبه ومن خاف شيئا هرب منه وكما لا ينبت فى الدنيا زرع إلا بالحرث كذلك لا يحصل فى الآخرة أجر وثواب إلا بالإيمان الخالص والعمل الصالح والنية الصادقة وان الله تعالى كما كان غافر الذنوب وقابل التوبة فهو شديد العقاب أيضا وأنه مع كونه كريما رحيما خلد الكفار فى النار أبد الآباد مع أن كفرهم لا يضره بل سلط العذاب والمحن والأمراض والعلل والفقر والجوع على عباده في الدنيا مع كونه رحيما كريما قادرا على إزالتها .
فمن كانت سنته فى عباده كذلك كيف يغتر به العبد ولا يخافه وقد خوف عباده .
ورجاء أكثر الخلق فى هذا الزمان هو سبب فتورهم عن العمل وإقبالهم على الدنيا وإعراضهم عن طاعة الله تعالى وإهمالهم للسعى للآخرة وهم لا يعلمون أنه غرور وليس برجاء وقد غلب الغرور على آخر هذه الأمة كما غلب الطاعة على أولها .
قال الغزالى قد كان الناس فى الزمان الأول يواظبون على الطاعات والعبادات ويبالغون فى الاحتراز عن الشبهات والشهوات ومع ذلك كانوا يخافون على أنفسهم ويبكون فى الخلوات وأما الآن فنرى الخلق آمنين فرحين غير خائفين مع إصرارهم على المعاصى وانهماكهم فى الدنيا وإعراضهم عن