والخشية تميز تمييزا كافيا وافيا بين الهالك والناجى وأن دين الاسلام ورد بالمهلكات كما جاء بالمنجيات وأن النبي رغب وحذر وبشر وأنذر فهو المخبر الصادق بكلا الأمرين إخبارا لا يخفى على ذى عينين ولكن الشيطان الرجيم غرهم بالغفران والاحسان وكادتهم النفس الأمارة بالسوء ووعدتهم بالرضوان والجنان ودخل عليهم إبليس من باب الرجا حتى أضلهم عن طريق الهدى فقالوا سيغفر لنا كما قال من قبلهم من الأمم ولم يعلموا أن بطش ربهم لشديد الألم وأن الدار الآخرة منقسمة إلى قسمين رياض الجنة وحفر النار والعبد بين مخافتين إما أن يصير إلى النعيم بفضله سبحانه وإما أن يصار به عدلا منه إلى دار البوار وكل من قنع بالرجا ولم يلم بالخوف لم يعلم بعاقبة أمره ولم يعرف نفعه من ضره وإنما المؤمن الناجى من آمن بالله ورسوله واليوم الآخر وعمل صالحا وأقلع نفسه فى هذه الدار عما يوبقه ويهلكه عذبا كان أو مالحا .
وفى حديث شداد بن أوس قال قال رسول الله الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله قال فى مجالس الأبرار هذا الحديث من حسان المصابيح انتهى وما أحسن ما قال بعض العارفين .
عجبت من شيخى ومن زهده ... وذكره النار وأهوالها .
يكره أن يشرب فى فضة ... ويسرق الفضة إن نالها .
ووعد المغفرة فى كتاب الله منوط بالايمان والعمل الصالح جميعا فمن أقر بلسانه أن الآخرة خير وأبقى ثم ترك العمل واشتغل بالمعاصى فهو من المغرورين بالدنيا والمسرورين بها والمحبين لها والكارهين للموت خيفة فوات لذتها لا خيفة فوات لذات الآخرة وحول عقابها فهؤلاء هم الذين غرتهم الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون