واعلم أن الله تعالى خلق النار بأهوالها وخلق لها أهلا لا يزيدون ولا ينقصون وأن هذا أمرا قد قضى وفرغ منه قال تعالى وأنذرهم يوم الحسرة إذ قضى الأمر وهم فى غفلة وهم لا يؤمنون ولعمرى الإشارة به إلى يوم القيامة ولكن ما قضى الأمر يوم بل فى أزل الآزال ولكن أظهر يوم القيامة ما سبق به القضاء فالعجب منك حيث تضحك وتلهوا وتشتغل بمحقرات الدنيا ولشك تدري أن القضاء بماذا سبق فى حقك .
فان قلت فليت شعرى ما ذا موردى وإلى ماذا مآلى ومرجعى وما الذى سبق به القضاء فى حقى فلك علامة تستأنس بها وتصدق رجاءك بسببها وهو أن تنظر إلى أحوالك وأعمالك .
فان كلا ميسر لما خلق له فان كان قد يسرك سبيل الخير فابشر فانك مبعد عن النار وإن كنت لا تقصد خيرا إلا وتحيط بك العوائق فتدفعه ولا تقصد شرا إلا ويتيسر لك أسبابه فاعلم أنك مقضى عليك فان دلالة هذا على العاقبة كدلالة المطر على النبات ودلالة الدخان على النار فقد قال تعالى إن الأبرار لفى نعيم وإن الفجار لفى جحيم فأعرض نفسك على الآيتين وقد عرفت مستقرك من الدارين