@ 161 @ أنه محق وغيره مبطل كما هو الواقع من أهل البدع | ودلت الآية بمفهومها على أن من أحب أن يحمد ويثنى عليه بما فعله من الخير واتباع الحق إذا لم يكن قصده بذلك الرياء والسمعة أنه غير مذموم بل هذا من الأمور المطلوبة التي أخبر الله أنه يجزي بها المحسنين في الأعمال والأقوال وأنه جازى بها خواص خلقه وسألوها منه كما قال إبراهيم عليه السلام : ! 2 < واجعل لي لسان صدق في الآخرين > 2 ! وقال : ! 2 < سلام على نوح في العالمين إنا كذلك نجزي المحسنين > 2 ! وقد قال عباد الرحمن : ! 2 < واجعلنا للمتقين إماما > 2 ! وهي من نعم الباري على عبده ومننه التي تحتاج إلى الشكر | ( 189 ) ^ ( ) ^ أي : هو المالك للسماوات والأرض وما فيهما من سائر أصناف الخلق المتصرف فيهم بكمال القدرة وبديع الصنعة فلا يمتنع عليه منهم أحد ولا يعجزه أحد | ( 190 - 194 ) ! 2 < إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار ربنا إنك من تدخل النار فقد أخزيته وما للظالمين من أنصار ربنا إننا سمعنا مناديا ينادي للإيمان أن آمنوا بربكم فآمنا ربنا فاغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا وتوفنا مع الأبرار ربنا وآتنا ما وعدتنا على رسلك ولا تخزنا يوم القيامة إنك لا تخلف الميعاد > 2 ! يخبر تعالى : ! 2 < إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب > 2 ! وفي ضمن ذلك حث العباد على التفكر فيها والتبصر بآياتها وتدبر خلفها وأبهم قوله : ! 2 < آيات > 2 ! ولم يقل : على المطلب الفاني إشارة لكثرتها وعمومها وذلك لأن فيها من الآيات العجيبة ما يبهر الناظرين ويقنع المتفكرين ويجذب أفئدة الصادقين وينبه العقول النيرة على جميع المطالب الإلهية فأما تفصيل ما اشتملت عليه فلا يمكن مخلوقا أن يحصره ويحيط ببعضه وفي الجملة فما فيها من العظمة والسعة وانتظام السير والحركة يدل على عظمة خالقها وعظمة سلطانه وشمول قدرته | وما فيها من الإحكام والإتقان وبديع الصنع ولطائف الفعل يدل على حكمة الله ووضعه الأشياء مواضعها وسعة علمه | وما فيها من المنافع للخلق يدل على سعة رحمة الله وعموم فضله وشمول بره ووجوب شكره | وكل ذلك يدل على تعلق القلب بخالقها ومبدعها وبذل الجهد في مرضاته وأن لا يشرك به سواه ممن لا يملك لنفسه ولا لغيره مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء | وخص الله بالآيات أولي الألباب وهم أهل العقول ؛ لأنهم هم المنتفعون بها الناظرون إليها بعقولهم لا بأبصارهم | ثم وصف أولي الألباب بأنهم ! 2 < يذكرون الله > 2 ! في جميع أحوالهم : ! 2 < قياما وقعودا وعلى جنوبهم > 2 ! وهذا يشمل جميع أنواع الذكر بالقول والقلب ويدخل في ذلك الصلاة قائما فإن لم يستطع فقاعدا فإن لم يستطع فعلى جنب وأنهم ! 2 < يتفكرون في خلق السماوات والأرض > 2 ! أي : ليستدلوا بها على المقصود منها ودل هذا على أن التفكر عبادة من صفات أولياء الله العارفين فإذا تفكروا بها عرفوا أن الله لم يخلقها عبثا فيقولون : ! 2 < ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك > 2 ! عن كل ما لا يليق بجلالك بالحق وللحق بل خلقتها مشتملة على الحق | ! 2 < فقنا عذاب النار > 2 ! بأن تعصمنا من السيئات وتوفقنا للأعمال الصالحات لننال بذلك النجاة من النار | ويتضمن ذلك سؤال الجنة لأنهم إذا وقاهم الله عذاب النار حصلت لهم الجنة ولكن لما قام الخوف بقلوبهم دعوا الله بأهم الأمور عندهم ! 2 < ربنا إنك من تدخل النار فقد أخزيته > 2 ! أي : لحصوله على السخط من الله ومن ملائكته وأوليائه ووقوع الفضيحة التي لا نجاة منها ولا منقذ منها ولهذا قال : ! 2 < وما للظالمين من أنصار > 2 ! ينقذونهم من عذابه وفيه دلالة على أنهم دخلوها بظلمهم | ! 2 < ربنا إننا سمعنا مناديا ينادي للإيمان > 2 ! وهو محمد صلى الله عليه وسلم : يدعو الناس إليه ويرغبهم فيه في أصوله وفروعه | ! 2 < فآمنا > 2 ! أي : أجبناه مبادرة وسارعنا إليه وفي هذا إخبار منهم بمنة الله عليهم وتبجح بنعمته وتوسل إليه بذلك أن يغفر ذنوبهم ويكفر سيئاتهم لأن الحسنات يذهبن السيئات والذي من عليهم بالإيمان يمن عليهم بالأمان التام | ! 2 < وتوفنا مع الأبرار > 2 ! يتضمن هذا الدعاء التوفيق لفعل الخير وترك الشر الذي به يكون العبد من الأبرار والاستمرار عليه والثبات إلى الممات | ولما ذكروا توفيق الله إياهم للإيمان وتوسلهم به إلى تمام النعمة سألوه الثواب على ذلك وأن ينجز لهم ما وعدهم به على ألسنة رسله من النصر والظهور في الدنيا ومن الفوز