@ 379 @ فَاسْئَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَداً لاَّ يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَمَا كَانُواْ خَالِدِينَ } ، وقوله : { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِّن قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً } ، وقوله : { قُلْ مَا كُنتُ بِدْعاً مِّنَ الرُّسُلِ } ، إلى غير ذلك من الآيات . .
وقرأ جمهور القراء هذا الحرف ( يوحى إليهم ) بالياء المثناة التحتية ، وفتح الحاء مبنياً للمفعول . وقرأه حفص عن عاصم ( نوحي إليهم ) بالنون وكسر الحاء مبيناً للفاعل . وكذلك قوله في آخر سورة يوسف ( إلا رجالاً يوحى إليهم من أهل القرى ) . وأول الأنبياء ( إلا رجالاً يوحى إليهم فاسألوا أهل الذكر . . ) الآية . كل هذه المواضع قرأ فيها حفص وحده بالنون وكسر الحاء . والباقون بالياء التحتية وفتح الحاء أيضاً وأما الثانية في سورة الأنبياء وهي قوله : { وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلاَّ نُوحِى إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَاهَ إِلاَّ أَنَاْ فَاعْبُدُونِ } . فقد قرأه بالنون وكسر الحاء حمزة والكسائي وحفص . والباقون بالياء التحتية وفتح الحاء أيضاً . وحصر الرسل في الرجال في الآيات المذكورة لا ينافي أن من الملائكة رسلاً . كما قال تعالى : { اللَّهُ يَصْطَفِى مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النَّاسِ } ، وقال : { الْحَمْدُ للَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالاٌّ رْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلاً } . لأن الملائكة يرسلون إلى الرسل ، والرسل ترسل إلى الناس . والذي أنكره الكفار هو إرسال الرسل إلى الناس ، وهو الذي حصر الله فيه الرسل في الرجال من الناس . فلا ينافي إرسال الملائكة للرُّسل بالوحي ، ولقبض الأرواح ، وتستخير الرِّياح والسَّحاب ، وكتب أعمال بني آدم ، وغير ذلك . كما قال تعالى : { فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْراً } . .
تنبيه .
يفهم من هذه الآيات أن الله لم يرسل امرأة قط . لقوله : { وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً } . ويفهم من قوله : { فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ } أن من جهل الحكم : يجب عليه سؤال العلماء والعمل بما أفتوه به . والمراد بأهل الذكر في الآية : أهل الكتاب ، وهذه الأمة أيضاً يصدق عليها أنها أهل الذكر . لقوله : { إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ } . إلا أن المراد في الآية أهل الكتاب . والباء في قوله