@ 370 @ بكونهم متقين أن غير المتقين يجيبون جواباً غير هذا . وقد صرح تعالى بهذا المفهوم في قوله عن غير المتقين وهم الكفار : { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ مَّاذَآ أَنزَلَ رَبُّكُمْ قَالُواْ أَسَاطِيرُ الاٌّ وَّلِينَ } كما تقدم . قوله تعالى : { لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ فِى هاذِهِ الْدُّنْيَا حَسَنَةٌ } . ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة : أن من أحسن عمله في هذه الدار التي هي الدنيا كان له عند الله الجزاء الحسن في الآخرة . وأوضح هذا المعنى في آيات كثيرة . كقوله : { لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلاَ يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلاَ ذِلَّةٌ } . والحسنى : الجنة . والزيادة : النظر إلى وجه الله الكريم . وقوله : { وَيِجْزِى الَّذِينَ أَحْسَنُواْ بِالْحُسْنَى } ، وقوله : { هَلْ جَزَآءُ الإِحْسَانِ إِلاَّ الإِحْسَانُ } . وقوله : { مَن جَآءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا } ، وقوله في هذه الآية { حَسَنَةٌ } أي مجازاة حسنة بالجنة ونعيمها . والآيات في مثل ذلك كثيرة . قوله تعالى : { وَلَدَارُ الاٌّ خِرَةِ خَيْرٌ } . ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة : أن دار الآخرة خير من دار الدنيا . وكرر هذا المعنى في مواضع كثيرة ، كقوله : { وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ } ، وقوله : { وَمَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ لِّلأَبْرَارِ } ، وقوله : { بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَواةَ الدُّنْيَا وَالاٌّ خِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى } ، وقوله : { وَلَلاٌّ خِرَةُ خَيْرٌ لَّكَ مِنَ الاٍّ ولَى } ، وقوله : { زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَآءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذالِكَ مَتَاعُ الْحَيَواةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَأَبِ قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِّن ذالِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْاْ عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الاٌّ نْهَارُ خَاالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللَّهِ } . وقوله { خَيْرٌ } صيغة تفضيل ، حذفت همزتها لكثرة الاستعمال تخفيفاً . وإليه أشار ابن مالك في الكافية بقوله : وإليه أشار ابن مالك في الكافية بقوله : % ( وغالباً أغناهم خير وشر % عن قولهم أخير منه وأشر ) % .
وإنما قيل لتلك الدار : الدار الآخرة . لأنها هي آخر المنازل ، فلا انتقال عنها ألبتة إلى دار أخرى . .
والإنسان قبل الوصول إليها ينتقل من محل إلى محل . فأول ابتدائه من التراب ، ثم انتقل من أصل التراب إلى أصل النطفة ، ثم إلى العلقة ، ثم إلى المضغة ، ثم إلى العظام ، ثم