@ 368 @ ، وقوله : { ءَاأنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ } ، إلى غير ذلك من الآيات . وقوله تعالى : { مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِن سُوءٍ بَلَى إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } . يعني أن الذين تتوفاهم الملائكة في حال كونهم ظالمي أنفسهم إذا عاينوا الحقيقة ألقوا السلم وقالوا : ما كنا نعمل من سوء . فقوله { مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِن سُوء } معمول قول محذوف بلا خلاف . .
والمعنى : أنهم ينكرون ما كانوا يعملون من السوء ، وهو الكفر وتكذيب الرسل والمعاصي . وقد بين الله كذبهم بقوله : { بَلَى إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } . .
وبين في مواضع أخر : أنهم ينكرون ما كانوا عليه من الكفر والمعاصي كما ذكر هنا . وبين كذبهم في ذلك أيضاً . كقوله : { ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ انظُرْ كَيْفَ كَذَبُواْ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ } ، وقوله : { قَالُواْ ضَلُّواْ عَنَّا بَل لَّمْ نَكُنْ نَّدْعُواْ مِن قَبْلُ شَيْئاً كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ } . وقوله : { يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهِ جَمِيعاً فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَىْءٍ أَلاَ إِنَّهُمْ هُمُ الْكَاذِبُونَ } ، وقوله : { وَيَقُولُونَ حِجْراً مَّحْجُوراً } أي حراماً محرماً أن تمسونا بسوء . لأنا لم نفعل ما نستحق به ذلك ، إلى غير ذلك من الآيات . .
وقوله هنا ( بلى ) تكذيب لهم في قولهم { مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِن سُوءٍ } . .
تنبيه .
لفظة ( بلى ) لا تأتي في اللغة العربية إلا لأحد معنيين لا ثالث لهما : .
الأول أن تأتي لإبطال نفي سابق في الكلام ، فهي نقيضة ( لا ) . لأن ( لا ) لنفي الإثبات ، و ( بلى ) لنفي النفي . كقوله هنا : { مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِن سُوءٍ } فهذا النفي نفته لفظة ( بلى ) أي كنتم تعملون السوء من الكفر والمعاصي . وكقوله : { زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُواْ أَن لَّن يُبْعَثُواْ قُلْ بَلَى وَرَبِّى لَتُبْعَثُنَّ } ، وكقوله : { وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لاَ تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلَى وَرَبِّى لَتَأْتِيَنَّكُمْ } وقوله : { وَقَالُواْ لَن يَدْخُلَ الْجَنَّة