@ 343 @ ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة : أنه سخر البحر . أي ذلله لعباده حتى تمكنوا من ركوبه ، والانتفاع بما فيه من الصيد والحلية ، وبلوغ الأقطار التي تحول دونها البحار ، للحصول على أرباح التجارات ونحو ذلك . .
فتسخير البحر للركوب من أعظم آيات الله . كما بينه في مواضع أخر . كقوله : { وَءَايَةٌ لَّهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِّن مِّثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ } ، وقوله : { اللَّهُ الَّذِى سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ لِتَجْرِىَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } إلى غير ذلك من الآيات . .
وذكر في هذه الآية أربع نعم من نعمه على خلقه بتسخير البحر لهم : .
الأولى قوله : { لِتَأْكُلُواْ مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا } وكرر الامتنان بهذه النعمة في القرآن . كقوله : { أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعاً لَّكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ } ، وقوله : { وَمِن كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْماً طَرِيّاً } . .
الثانية قوله : { وَتَسْتَخْرِجُواْ مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا } وكرر الامتنان بهذه النعمة أيضاً في القرآن . كقوله : { يَخْرُجُ مِنْهُمَا الُّلؤْلُؤُ وَالمَرْجَانُ * فَبِأَىِّ ءَالاَءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } واللؤلؤ والمرجان : هما الحلية التي يستخرجونها من البحر للبسها ، وقوله : { وَمِن كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْماً طَرِيّاً وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا } . .
الثالثة قوله تعالى : { وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ } وكرر في القرآن الامتنان بشق أمواج البحر على السفن ، كقوله : { وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِّن مِّثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ } { وَإِن نَّشَأْ نُغْرِقْهُمْ فَلاَ صَرِيخَ لَهُمْ وَلاَ هُمْ يُنقَذُونَ } ، وقوله : { وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِىَ فِى الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ } . .
الرابعة الابتغاء من فضله بأرباح التجارات بواسطة الحمل على السفن المذكور في قوله هنا : { وَلِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ } أي كأرباح التجارات . وكرر في القرآن الامتنان بهذه النعمة أيضاً . كقوله في ( سورة البقرة ) : { وَالْفُلْكِ الَّتِى تَجْرِى فِى الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ } ، وقوله في ( فاطر ) : { وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ لِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } ، وقوله في ( الجاثية ) : { اللَّهُ الَّذِى سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ لِتَجْرِىَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } إلى غير ذلك من الآيات .