@ 325 @ يستطع فعلى جنب . وهكذا قال تعالى عن نبيه عيسى عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام : { وَأَوْصَانِى بِالصَّلَواةِ وَالزَّكَواةِ مَا دُمْتُ حَيّاً } وقال البخاري في صحيحه ( باب إذا لم يطق قاعداً صلى على جنب ) وقال عطاء : إن لم يقدر أن يتحول إلى القبلة صلى حيث كان وجهه حدثنا عبدان عن عبد الله ، عن إبراهيم بن طهمان قال : حدثني الحسين المكتب ، عن بريدة ، عن عمران بن حصين رضي الله عنهما قال : كانت بواسير ، فسألت النَّبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة فقال : ( صلِّ قائماً ، فإن لم تستطع فقاعداً ، فإن لم تستطع فعلى جنب ) اه ونحو هذا معلوم . قال تعالى : { فَاتَّقُواْ اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ } ، وقال تعالى : { لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا } ، وقال صلى الله عليه وسلم : ( إذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم . . . ) الحديث . .
التنبيه الثاني اعلم أن ما يفسر به هذه الآية الكريمة بعض الزنادقة الكفرة المدعين للتصوف من أن معنى اليقين المعرفة بالله جل وعلا ، وأن الآية تدل على أن العبد إذا وصل من المعرفة بالله إلى تلك الدرجة المعبر عنها باليقين أنه تسقط عنه العبادات والتكاليف . لأن ذلك اليقين هو غاية الأمر بالعبادة . .
إن تفسير الآية بهذا كفر بالله وزندقة ، وخروج عن ملة الإسلام بإجماع المسلمين . وهذا النوع لا يسمى في الاصطلاح تأويلاً ، بل يسمى لعباً كما قدمنا في آل عمران . ومعلوم أن الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم هم وأصحابه هم أعلم الناس بالله ، وأعرفهم بحقوقه وصفاته وما يستحق من التعظيم ، وكانوا مع ذلك أكثر الناس عبادة لله جل وعلا ، وأشدهم خوفاً منه وطمعاً في رحمته . وقد قال جل وعلا : { إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ } والعلم عند الله تعالى .