@ 176 @ وتكذيب الرسل باختيارهم ومشيئتهم كما دلت عليه آيات كثيرة كقوله : { بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ } وقوله { فَلَمَّا زَاغُواْ أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ } وقوله { فِى قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا } . وقوله : { وَأَمَّا الَّذِينَ فِى قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ } وقوله { وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُواْ بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ } إلى غير ذلك من الآيات . .
الثالث أن المعنى ما كانوا يستطيعون السمع أي لشدة كراهيتهم لكلام الرسل على عادة العرب في قولهم : لا أستطيع أن أسمع كذا إذا كان شديد الكراهية والبغض له ويشهد لهذا القول قوله تعالى : { وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ ءَايَاتُنَا بَيِّنَاتٍ تَعْرِفُ فِى وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الْمُنْكَرَ يَكَادُونَ يَسْطُونَ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ ءَايَاتُنَا } وقوله تعالى { وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لاَ تَسْمَعُواْ لِهَاذَا الْقُرْءَانِ } وقوله { وَإِنِّى كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُواْ أَصَابِعَهُمْ فِىءَاذَانِهِمْ } . .
الرابع : أن ( ما ) مصدرية ظرفية ، أي يضاعف لهم العذاب مدة كونهم يستطيعون أن يسمعوا ويبصروا ، أي يضاعف لهم العذاب دائماً . .
الخامس : أن ( ما ) مصدرية في محل نصب بنزع الخافض ، أي يضاعف لهم العذاب بسبب كونهم يستطيعون السمع والإبصار في دار الدنيا ، وتركوا الحق مع أنهم يستطيعون إدراكه بأسماعهم وأبصارهم . وقد قدمنا في سورة النساء قول الأخفش الأصغر : بأن النصب بنزع الخافض مقيس مطلقاً عند أمن اللبس . .
السادس : أن قوله { مَا كَانُواْ يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَمَا كَانُواْ يُبْصِرُونَ } من صفة الأصنام التي اتخذوها أولياء من دون الله ، فيكون متصلاً بقوله { وَمَا كَانَ لَهُمْ مِّن دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَآءَ } وتكون جملة { يُضَاعَفُ لَهُمُ الْعَذَابُ } اعتراضية . وتقرير المعنى على هذا القول : وما كان لهم من دون الله من أولياء ما كانوا يستطيعون السمع وما كانوا يبصرون ، أي الأصنام التي اتخذوها أولياء من دون الله . وما لا يسمع ولا يبصر لا يصح أن يكون ولياً لأحد . .
ويشهد لمعنى هذا القول قوله تعالى في الأعراف { أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَآ أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَآ أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَآ أَمْ لَهُمْ ءَاذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا } ، ونحوها من الآيات . .
وقد قدمنا في ترجمة هذا الكتاب المبارك : أن الآية الكريمة قد تكون فيها أقوال ،