@ 157 @ .
قوله تعالى : { وَإِن كَذَّبُوكَ فَقُل لِّى عَمَلِى وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّآ أَعْمَلُ وَأَنَاْ بَرِىءٌ مِّمَّا تَعْمَلُونَ } . .
أمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم في هذه الآية الكريمة ، أن يظهر البراءة من أعمال الكفار القبيحة إنكاراً لها ، وإظهاراً لوجوب التباعد عنها ، وبين هذا المعنى في قوله : { قُلْ ياأَيُّهَا الْكَافِرُونَ } ، إلى قوله : { وَلِىَ دِينِ } ، ونظير ذلك ، قول إبراهيم الخليل وأتباعه لقومه : { إِنَّا بُرَءآؤاْ مِّنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ } . .
وبين تعالى في موضع آخر أن اعتزال الكفار ، والأوثان والبراءة منهم . من فؤائده تفضل الله تعالى بالذرية الطيبة الصالحة ، وهو قوله في ( مريم ) : { فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ } إلى قوله : { وَوَهَبْنَا لَهْمْ مِّن رَّحْمَتِنَا وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيّاً } . .
وقال ابن زيد ، وغيره ، إن آية : { وَإِن كَذَّبُوكَ فَقُل لِّى عَمَلِى } : منسوخة بآيات السيف . .
والظاهر أن معناها محكم . لأن البراءة إلى الله من عمل السوء لا شك في بقاء مشروعيتها . ! 7 < { وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَن لَّمْ يَلْبَثُواْ إِلاَّ سَاعَةً مِّنَ النَّهَارِ يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِلِقَآءِ اللَّهِ وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ * وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِى نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ اللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ * وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولٌ فَإِذَا جَآءَ رَسُولُهُمْ قُضِىَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ * وَيَقُولُونَ مَتَى هَاذَا الْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } > 7 ! قوله تعالى : { وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَن لَّمْ يَلْبَثُواْ إِلاَّ سَاعَةً مِّنَ النَّهَارِ } . .
بين تعالى في هذه الآية الكريمة ، أن الكفار إذا حشروا استقلوا مدة مكثهم في دار الدنيا ، حتى كأنها قدر ساعة عندهم ، وبين هذا المعنى في مواضع أخر ، كقوله في آخر ( الأحقاف ) . { كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُواْ إِلاَّ سَاعَةً مِّن نَّهَارٍ بَلاَغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلاَّ الْقَوْمُ } ، وقوله في آخر ( النازعات ) : { كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُواْ إِلاَّ عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا } ، وقوله في آخر ( الرُّوم ) : { وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُواْ غَيْرَ سَاعَةٍ } . .
وقد بينا بإيضاح في كتابنا ( دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب ) ، وجه الجمع بين هذه الآيات المقتضية أن الدنيا عندهم كساعة ، وبين الآيات المقتضية أنها عندهم كأكثر من ذلك ، كقوله تعالى : { يَتَخَافَتُونَ بَيْنَهُمْ إِن لَّبِثْتُمْ إِلاَّ عَشْراً } وقوله : { قَالُواْ لَبِثْنَا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلِ الْعَآدِّينَ } فانظره فيه في سورة : { قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ } في الكلام على قوله : { قَالُواْ لَبِثْنَا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلِ الْعَآدِّينَ } . .
قوله تعالى : { يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ } . .
صرح في هذه الآية الكريمة : أن أهل المحشر