@ 478 @ .
{ واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشى يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحيواة الدنيا ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا } كما أمره هنا بالسلام عليهم وبشارتهم برحمة ربهم جل وعلا في قوله : .
{ وإذا جآءك الذين يؤمنون بآياتنا فقل سلام عليكم كتب ربكم على نفسه الرحمة } وبين في آيات أخر أن طرد ضعفاء المسلمين الذي طلبه كفار العرب من نبينا صلى الله عليه وسلم فنهاه الله عنه طلبه أيضا قوم نوح من نوح فأبى كقوله تعالى عنه : { ومآ أنا بطارد الذين ءامنوا } وقوله : { وياقوم من ينصرنى من الله إن طردتهم } وقوله : { ومآ أنا بطارد المؤمنين } وهذا من تشابه قلوب الكفار المذكور في قوله تعالى : { تشابهت قلوبهم } . قوله تعالى : { وكذلك فتنا بعضهم ببعض ليقولوا أهؤلاء من الله عليهم من بيننآ أليس الله بأعلم بالشاكرين } . .
أجرى الله تعالى الحكمة بأن أكثر أتباع الرسل ضعفاء الناس ولذلك لما سأل هرقل ملك الروم أبا سفيان عن نبينا صلى الله عليه وسلم : أأشرف الناس يتبعونه أم ضعفاؤهم ؟ فقال : بل ضعفاؤهم قال : هم أتباع الرسل .
فإذا عرفت ذلك فاعلم أنه تعالى أشار إلى أن من حكمة ذلك فتنة بعض الناس ببعض فإن أهل المكانة والشرف والجاه يقولون : لو كان في هذا الدين خير لما سبقنا إليه هؤلاء لأنا أحق منهم بكل خير كما قال هنا : { وكذلك فتنا بعضهم ببعض ليقولوا أهولاء من الله عليهم من بيننآ } الآية إنكار منهم أن يمن الله على هؤلاء الضعفاء دونهم زعما منهم أنهم أحق بالخير منهم وقد رد الله قولهم هنا بقوله : { أليس الله بأعلم بالشاكرين } . .
وقد أوضح هذا المعنى في آيات أخر كقوله تعالى : { وقال الذين كفروا للذين ءامنوا لو كان خيرا ما سبقونآ إليه الآية } وقوله : { وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قال الذين كفروا للذين ءامنوا أى الفريقين خير مقاما وأحسن نديا } . .
والمعنى : أنهم لما رأوا أنفسهم أحسن منازل ومتاعا من ضعفاء المسلمين اعتقدوا أنهم أولى منهم بكل خير وأن أتباع الرسول صلى الله عليه وسلم لو كان خيرا ما سبقوهم إليه ورد الله افتراءهم هذا بقوله : { وكم أهلكنا قبلهم من قرن هم أحسن أثاثا ورئيا }