@ 180 @ .
ومراده بالمجاز ما قدمنا من إطلاق المحل وإرادة الحال . .
وذكر ابن كثير عن ابن عباس ومجاهد أن الشيطان جاثم على قلب ابن آدم ، فإذا سها وغفل وسوس ، وإذا ذكر الله خنس . .
والذي يظهر واللَّه تعالى أعلم : أن الصدر ظرف للوسواس ، وأنه يوقع الوسوسة في القلب . على ما قاله ابن عباس ومجاهد رحمهم اللَّه . .
وفي لفظ الناس هنا المضاف إليه الصدور : اختلاف في المراد منه ، فقيل : الإنس الظاهر الاستعمال . .
وقيل : الثقلان : الإنس والجن . .
وإن إطلاق الناس على الجنس مسموع ، كما حكاه القرطبي . قال عن بعض العرب : .
إنه كان يحدث فجاء قوم من الجن فوقفوا ، فقيل : من أنتم : فقالوا : ناس من الجن ، وهذا معنى قول الفراء . .
واستدل صاحب هذا القول بطريق القياس باستعمال لفظي رجال ونفر في قوله تعالى : { وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ } ، وقوله : { وَإِذْ صَرَفْنَآ إِلَيْكَ نَفَراً مِّنَ الْجِنِّ } . .
وعليه يكون الوسواس المستعاذ منه يوسوس في صدور الجن والإنس . .
وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية هذا الوجه : ولكنه رده وضعفه ، لأن لفظ الناس أظهر وأشهر في الإنس ، وهو المعروف في استعمال القرآن ، ولأنه على هذا يكون قسم الشيء قسماً منه ، لأنه يجعل الناس قسيم الجن ، ويجعل الجن نوعاً من الناس ا ه . ملخصاً . .
وعلى كل ، فإن منهج الأضواء أن ما كان محتملاً وكان أكثر استعمالات القرآن لأحد الاحتمالين ، فإن كثرة استعماله إياه تكون مرجحاً ، وجميع استعمالات القرآن للفظ الناس إنما هو في خصوص الإنس فقط ، ولم تستعمل ولا مرة واحدة في حق الجن مع مراعاة استعمالها في هذه السورة وحدها خمس مرات ، حتى سميت سورة الناس .