@ 176 @ .
وكقوله : { تَبَارَكَ الَّذِى بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ } . .
وبهذه النصوص يعلم كمال ملكه تعالى ، ونقص ملك ما سواه من ملوك الدنيا ، ونعلم أن ملكهم بتمليك الله تعالى إياهم كما في قوله تعالى : { وَاللَّهُ يُؤْتِى مُلْكَهُ مَن يَشَآءُ } . .
وقوله : { قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِى الْمُلْكَ مَن تَشَآءُ وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَآءُ } . .
ومن المعلوم أن ملوك الدنيا ملكهم ملك سياسة ورعاية ، لا ملك تملك وتصرف ، وكما في قوله تعالى : { وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا قَالُواْ أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِّنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللَّهُ يُؤْتِى مُلْكَهُ مَن يَشَآءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ } . .
والجدير بالتنبيه عليه بهذه المناسبة أن ( بريطانيا ) تحترم نظام الملكية إلى هذا الوقت الحاضر ، بدافع من هذا المعتقد ، وأنه لا ملك إلا بتمليك الله إياه ، وأن ملوك الدنيا باصطفاء من اللَّه . .
والآية تشير إلى ما نحن بصدد بيانه ، من أن ملوك الدنيا لا يملكون أمر الرعية لأن طالوت ملكاً ، وليس مالكاً لأموالهم . .
بينما ملك الله تعالى ملك خلق وإيجاد وتصرف ، كما في قوله تعالى : { لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالاٌّ رْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ يَهَبُ لِمَن يَشَآءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَن يَشَآءُ الذُّكُورَ * أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَاثاً وَيَجْعَلُ مَن يَشَآءُ عَقِيماً إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ } . .
وعليم قدير هنا من خصائصه سبحانه وتعالى ، فيتصرف في ملكه بعلم وعن قدرة كاملين سبحانه ، له ملك السماوات والأرض يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير . .
وتظهر حقيقة ذلك إذا جاء اليوم الحق ، فيتلاشى كل ملك قلَّ أو كثر ، ويذل كل ملك كبر أو صغر ، ولم يبق إلا ملكه تعالى يوم هم بارزون ، لا يخفى على الله منهم شيء ، لمن الملك اليوم للَّه الواحد القهار .