@ 174 @ .
وفي الإضافة إلى البيت جاء { الَّذِى أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَءَامَنَهُم مِّنْ خوْفٍ } وهو الله سبحانه . .
وفي الإضافة إلى البلدة جاء { الَّذِى حَرَّمَهَا } ، وهو الله تعالى . .
وفي الإضافة إلى العرش جاء قوله تعالى : { فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لاَ إِلَاهَ إِلاَّ هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ } . .
وفي الإضافة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم جاء قوله : { مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ } ، وغير ذلك من الإضافة ، إلى أي فرد من أفراد العموم يأتي معها ما يفيد العموم ، وأن الله رب العالمين . .
وهنا رب الناس جاء معها { مَلِكِ النَّاسِ * إِلَاهِ النَّاسِ } ، ليفيد العموم أيضاً . لأن إطلاق الرب قد يشارك فيه السيد المطاع ، كما في قوله : { اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللَّهِ } . .
وقول يوسف لصاحبه في السجن { اذْكُرْنِى عِندَ رَبِّكَ } ، أي الملك على أظهر الأقوال ، وقوله : { ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ } . .
فجاء بالملك والإله للدلالة على العموم ، في معنى رب الناس ، فهو سبحانه رب العالمين ورب كل شيء ، ولكن إضافته هنا إلى خصوص الناس إشعار بمزيد اختصاص ، ورعاية الرب سبحانه لعبده الذي دعاه إليه ليستعيذ به من عدوه ، كما أن فيه تقوية رجاء العبد في ربه بأنه سبحانه بربوبيته سيحمي عبده لعبوديته ويعيذه مما استعاذ به منه . .
ويقوي هذا الاختصاص إضافة الرب للرسول صلى الله عليه وسلم في جميع أطواره منذ البدأين : بدء الخلقة وبدء الوحي ، في قوله : { اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِى خَلَقَ * خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ } ، ثم في نشأته { مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى } إلى قوله { أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوَى * وَوَجَدَكَ ضَآلاًّ فَهَدَى * وَوَجَدَكَ عَآئِلاً فَأَغْنَى } . .
وجعل الرغبة إليه في السورة بعدها { وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ } ، تعداد النعم عليه من شرح الصدر ، ووضع الوزر ، ورفع الذكر ، ثم في المنتهى قوله : { إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى } .