@ 162 @ الحيوان والجماد والنبات ، كما تؤثر في الإنسان على ما سيأتي إن شاء اللَّه . { وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ } . اقتران الحسد بالسحر هنا ، يشير إلى وجود علاقة بين كل من السحر والحسد ، وأقل ما يكون هو التأثير الخفي الذي يكون من الساحر بالسحر ، ومن الحاسد بالحسد مع الاشتراك في عموم الضرر ، فكلاهما إيقاع ضرر في خفاء ، وكلاهما منهى عنه . .
وقد أوضح فضيلة الشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه ، أنواع السحر وأحكامه وأورد فيه كلاماً وافياً . .
وقد ظهر بما قدمنا : أن الحسد له علاقة بالسحر نوعاً ما ، فلزم إيضاحه وبيان أمره بقدر المستطاع ، إن شاء اللَّه . .
أولاً : تعريفه : قالوا : إن الحسد هو تمني زوال نعمة الغير ، أو عدم حصول النعمة للغير شحاً عليه بها . .
وقد قيدت الاستعاذة من شر الحاسد إذا حسد ، أي عند إيقاعه الحسد بالفعل ، ولم يقيدها من شر الساحر إذا سحر . .
وذلك والله تعالى أعلم : أن النفث في العقد هو عين السحر ، فتكون الاستعاذة واقعة موقعها عند سحره الواقع منه بنفثه الحاصل منه في العقد . .
أما الحاسد فلم يستعذ منه إلا عند إيقاعه الحسد بالفعل ، أي عند توجهه إلى المحسود ، لأنه قبل توجهه إلى المحسود بالحسد لا يتأتى منه شر ، فلا محل للاستعاذة منه . .
أما حقيقة الحسد : فيتعذر تعريفه منطقياً . .
وتقدم للشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه أنه قال في السحر : لا يمكن تعريفه لخفائه . .
ومعلوم أن الحسد أشد خفاء ، لأنه عمل نفسي وأثر قلبي ، وقد قيل فيه : إنه كإشعاع غير مرئي ، ينتقل من قلب الحاسد إلى المحسود ، عند تحرقه بقلبه على المحسود ، وقد شبه حسد الحاسد بالنار في قولهم