@ 100 @ .
فالظاهر : أنها كلمة تقال عند الشدة والهلكة ، أو شدة التعجب مما يشبه المستبعد . .
والذي يشهد له القرآن : هو هذا المعنى ، وسبب الخلاف قد يرجع لمجيئها تارة مطلقة كقوله : { وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ } ، وهنا { وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ } . .
ويجيء مع ذكر ما يتوعد به كقوله : { فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنَ النَّارِ } ، وقوله : { فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنْ عَذَابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ } ، فذكر النار والعذاب الأليم . .
وكذلك قوله : { فَوْيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن مَّشْهِدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ } ، فهي في هذا كله للوعيد الشديد ، مما ذكر معها من النار والعذاب الأليم ومشهد يوم عظيم ، وليست مقصودة بذاتها دون ما ذكر معها ، والعلم عند الله تعالى . .
وقوله : { هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ } ، قيل : هما بمعنى واحد ، وهو الغيبة . .
وأنشد ابن جرير قول زياد الأعجم : وأنشد ابن جرير قول زياد الأعجم : % ( تدلى بودي إذا لاقيتني كذبا % وإن أغيب فأنت الهامز الهمزة ) % .
وعزا هذا لابن عباس ، وهو الذي يصيب الناس ويطعن فيهم . .
وقد جاء في القرآن استعمال كل من الكلمتين مفردة عن الأخرى ، بما يدل على المغايرة . .
ففي الهمزة قوله : { وَلاَ تُطِعْ كُلَّ حَلاَّفٍ مَّهِينٍ * هَمَّازٍ مَّشَّآءِ بِنَمِيمٍ } ، مما يدل على الكذب والنميمة . .
وفي الهمزة قوله تعالى : { وَلاَ تَلْمِزُواْ أَنفُسَكُمْ وَلاَ تَنَابَزُواْ بِالاٌّ لْقَابِ } . .
وقوله : { وَمِنْهُمْ مَّن يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ } ، مما يدل على أنها أقرب للتنقص والعيب في الحضور لا في الغيبة ، فتغاير الهمز في المعنى ، وفي الصفة ، والجمع بينهما جمع بين القبيحين ، فكان مستحقًا لهذا الوعيد الشديد بكلمة ويل . .
وقد قيل : الهمز باليد : وقيل : باللسان في الحضرة ، والهمز في الغيبة .