@ 90 @ .
فعليه يكون الخسران في الدين من حيث الإيمان بسبب الكفر ، وفي الإسلام وهو ترك العمل ، وإن كان يشمله الإيمان في الاصطلاح والتلهي في الباطل وترك الحق ، وفي الهلع والفزع . .
ومن ثم ترك الأمر والنهي بما فيه مصلحة العبد وفلاحه وصلاح دينه ودنياه ، وكل ذلك جاء في القرآن ما يدل عليه نجمله في الآتي : .
أما الخسران بالكفر . فكما في قوله تعالى . { لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ } . .
وقوله : { قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِلِقَآءِ اللَّهِ } ، أي لأنهم لم يعملوا لهذا اللقاء ، وقصروا أمرهم في الحياة الدنيا فضيعوا أنفسهم ، وحظهم في الآخرة . .
وأما الخسران بترك العمل ، فكما في قوله تعالى : { وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُواْ أَنفُسَهُم } ، لأن الموازين هي معايير الأعمال كما تقدم { فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ } . .
ومثله : { وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيّاً مِّن دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَاناً مُّبِيناً } ، لأنه سيكون من حزب الشيطان { أَلاَ إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الخَاسِرُونَ } ، أي بطاعتهم إياه في معصية اللَّه . .
وأما الخسران بترك التواصي بالحق فليس بعد الحق إلا الضلال ، والحق هو الإسلام بكامله ، وقد قال تعالى : { وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِى الاٌّ خِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ } . .
وأما الخسران بترك التواصي بالصبر والوقوع في الهلع والفزع ، فكما قال تعالى : { وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالاٌّ خِرَةَ ذالِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ } . .
تحقيق المناط في حقيقة خسران الإنسان .
اتفقوا على أن رأس مال الإنسان في حياته هو عمره . كلف بإعماله في فترة وجوده في الدنيا ، فهي له كالسوق . فإن أعمله في خير ربح ، وإن أعمله في شر خسر .