@ 89 @ . .
وسورة الهمزة في نفس المعنى تقريباً ، في الذي جمع مالاً وعدده ، يحسب أن ماله أخلده . .
فجمع المال وتعداده في حياة الإنسان وحياته محدودة ، وليس مخلدًا في الدنيا ، كما أن الإيمان وعمل الصالحات مرتبط بحياة الإنسان . .
وعليه ، فإما أن يكون المراد بالعصر في هذه السورة العموم لشموله الجميع وللقراءة الشاذة ، وهذا أقواها . .
وإما حياة الإنسان ، لأنه ألزم له في عمله ، وتكون كل الإطلاقات الأخرى من إطلاق الكل ، وإرادة البعض ، واللَّه تعالى أعلم . .
وقوله : { إِنَّ الإِنسَانَ لَفِى خُسْرٍ } . .
لفظ الإنسان وإن كان مفرداً ، فإن أل فيه جعلته للجنس . .
وقد بينه الشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه في دفع إيهام الاضطراب ، وتقدم التنبيه عليه مراراً ، فهو شامل للمسلم والكافر ، إلا من استثنى الله تعالى . .
وقيل : خاص بالكافر ، والأول أرجح للعموم . .
وإن الإنسان لفي خسر ، جواب القسم ، والخسر : قيل : هو الغبن ، وقيل : النقص ، وقيل : العقوبة ، وقيل : الهلكة ، والكل متقارب . .
وأصل الخسر والخسران كالكفر والكفران ، النقص من رأس المال ، ولم يبين هنا نوع الخسران في أي شيء ، بل أطلق ليعم ، وجاء بحرف الظرفية ، ليشعر أن الإنسان مستغرق في الخسران ، وهو محيط به من كل جهة . .
ولو نظرنا إلى أمرين وهما المستثنى والسورة التي قبلها ، لاتّضح هذا العموم ، لأن مفهوم المستثنى يشمل أربعة أمور : عدم الإيمان وهو الكفر ، وعدم العمل الصالح وهو العمل الفاسد ، وعدم التواصي بالحق وهو انعدام التواصي كلية أو التواصي بالباطل ، وعدم التواصي بالصبر ، وهو إما انعدام التواصي كلية أو الهلع والجزع . .
والسورة التي قبلها تلهي الإنسان بالتكاثر في المال والولد ، بغية الغنى والتكثر فيه ، وضده ضياع المال والولد وهو الخسران .