@ 84 @ .
كما يدخل فيها نعمة الإخاء في الله { وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُم أَعْدَآءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً } ، وغير ذلك كثيراً . .
وثانيها : الصحة ، وكمال الخلقة والعافية ، فمن كمال الخلقة الحواس { أَلَمْ نَجْعَل لَّهُ عَيْنَيْنِ وَلِسَاناً وَشَفَتَيْنِ } . .
ثم قال : { إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولائِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً } . .
وثالثها : المال في كسبه وإنفاقه سواء ، ففي كسبه من حله نعمة ، وفي إنفاقه في أوجهه نعمة . .
هذه أصول النعم ، فماذا يسأل عنه ، منها جاءت السنة بأنه سيسأل عن كل ذلك جملة وتفصيلا . .
أما عن الدين والمال والصحة ، ففي مجمل الحديث ( إذا كان يوم القيامة ، لا تزل قدم عبد حتى يسأل عن خمس : عن عمره فيم أبلاه ، وعن علمه فيم عمل به ، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه ، وعن شبابه فيم أفناه ) . .
ولعظم هذه الآية وشمولها ، فإنها أصبحت من قبيل النصوص مضرب المثل ، فقد فصلت السنة جزئيات ما كانت تخطر ببال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم . .
وقد أورد القرطبي ما جاء في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم أو ليلة ، فإذا هو بأبي بكر وعمر ، فقال : ( ما أخرجكما من بيوتكما هذه الساعة ؟ ) قالا : الجوع يا رسول الله ! قال : ( وأنا ، والذي نفسي بيدها لأخرجني الذي أخرجكما ، قوموا ) فقاموا معه ، فأتى رجلاً من الأنصار ، فإذا هو ليس في بيته ، فلما رأته المرأة قالت : مرحباً ! وأهلاً ! فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أين فلان ؟ ) قالت : ذهب يستعذب لنا من الماء أي يطلب ماءً عذبا . إذ جاء الأَنصاريُّ ، فنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبيه ، ثم قال : الحمد لله ، ما أحدٌ اليوم أكرم أضيافاً مني . قال : فانطلق فجاءهم بِعذْق فيه بُسْرٌ وتمرٌ ورُطبٌ ، فقال : كلوا من هذه ، وأخذ المدية ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إياك والحَلوب ، فذبح لهم . فأكلوا من الشاة ، ومن ذلك العِذق ،