@ 83 @ . .
وقد وقع مثله في قصة الصديق لما أخبر نبأ الإسراء ، فقال : ( صدق محمد ، فقالوا : تصدقه وأنت لم تسمع منه ؟ قال : إني لأصدقه على أكثر من ذلك ) . .
فلعلمه علم اليقين بصدقه صلى الله عليه وسلم فيما يخبر ، صدق بالإسراء كأنه يراه . .
وتكون الرؤية الثانية ، رؤية عين ومشاهدة ، فهو عين اليقين . .
وقد قدمنا مراتب العلم الثلاث : على اليقين ، وعين اليقين ، وحق اليقين . .
فالعلم : ما كان عن دلائل . .
وعين اليقين : ما كان عن مشاهدة . .
وحق اليقين : ما كان عن ملابسة ومخالطة ، كما يحصل العلم بالكعبة ، وجهتها فهو علم اليقين ، فإذا رآها فهو عين اليقين بوجودها . فإذا دخلها وكان في جوفها فهو حق اليقين بوجودها . واللَّه تعالى أعلم . { ثُمَّ لَتُسْألُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ } . أصل النعيم كل حال ناعمة من النعومة والليونة ، ضد الخشونة واليبوسة ، والشدائد ، كما يشير إليه قوله تعالى : { وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ } . .
ثم قال : { إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأرُونَ } ، فقابل النعمة بالضر . .
ومثله قوله تعالى : { وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَآءَ بَعْدَ ضَرَّآءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي } . .
وعلى هذا فإن نعم الله عديدة ، كما قال : { وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللَّهِ لاَ تُحْصُوهَآ } . .
وبهذا تعلم أن كل ما قاله المفسرون ، فهو من قبيل التمثيل لا الحصر ، كما قال تعالى : { لاَ تُحْصُوهَآ } . .
وأصول هذه النعم أولها الإسلام { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِى وَرَضِيتُ لَكُمُ الأِسْلاَمَ دِيناً } . .
ويدخل فيها نعم التشريع والتخفيف ، عما كان على الأمم الماضية .