@ 79 @ .
فعلى صيغة المبالغة : زوَّارات لا تشمل مطلق الزيارة ، وإنما تختص للمكثرات ، لأنهن بالإكثار لا يسلمن من عادات الجاهلية من تعداد مآثر الموتى المحظور في أصل الآية . .
أما مجرد زيارة بدون إكثار ولا مكث ، فلا . .
واستدلوا لذلك بحديث عائشة رضي الله عنها لما ذكر لها صلى الله عليه وسلم ، السلام على أهل البقيع ، فقالت : ( وماذا أقول يا رسول الله ، إن أنا زرت القبور ؟ قال : قولي : السلام عليكم آل دار قوم مؤمنين ) الحديث . .
فأقرها صلى الله عليه وسلم ، على أنها تزور القبور وعلمها ماذا تقول إن هي زارت . .
وكذلك بقصة مروره على المرأة التي تبكي عند القبر فكلَّمها ، فقالت : إليك عني ، وهي لا تعلم من هو ، فلما ذهب عنها قيل لها : إنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، جاءت تعتذر فقال لها : ( إنما الصبر عند الصدمة الأولى ) . .
ولم يذكر لها المنع من زيارة القبور ، مع أنه رآها تبكي . .
وهذه أدلة صريحة في السماح بالزيارة . ومن ناحية المعنى ، فإن النتيجة من الزيارة للرجال من في حاجة إليها كذلك ، وهي كون زيارة القبور تزهِّد في الدنيا وترغِّب في الآخرة . .
وليست هذه بخاصة في الرجال دون النساء ، بل قد يكن أحوج إليه من الرجال . .
وعلى كل ، فإن الراجح من هذه النصوص واللَّه تعالى أعلم ، هو الجواز لمن لم يكثرن ولا يتكلمن بما لا يليق ، مما كان سبباً للمنع الأول ، والعلم عند الله تعالى . .
تنبيه آخر .
من لطائف القول في التفسير ، ما ذكره أبو حيان عن التكاثر في قوله : { حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ } ، ما نصه : .
وقيل هذا تأنيب على الإكثار من زيارة ، تكثيراً بمن سلف وإشادة بذكره ، وكان