@ 73 @ .
وقوله : { فَهُوَ فِى عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ } ، قالوا : بمعنى مرضية ، وراضية أصلها مرضية ، كما في قوله : { وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاعِمَةٌ * لِّسَعْيِهَا رَاضِيَةٌ } ، إسناد الرضى للعيشة ، على أنها هي فاعلة الرضى ، لأن كلمة العيشة جامعة لنعيم الجنة وأسباب النعيم ، راضية طائعة لينة لأصحاب الجنة ، فتفجر لهم الأنهار طواعية ، وتدنو الثمار طواعية ، كما في قوله : { قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ } . .
فالقول الأول : هو المعروف في البلاغة بإطلاق المحل وإرادة الحال ، كقوله تعالى { فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ } . .
والنادي : مكان منتدى القوم ، أي ينادي بعضهم بعضاً للاجتماع فيه . .
والمراد : من يحل في هذا النادي ، ويكون هنا أطلق المحل وهو محل العيشة ، وأراد الحال فيها . .
وعلى الثاني : فهو إسناد حقيقي من إسناد الرضى لمن وقع منه أو قام به . ومما هو جدير بالذكر أن حمله على الأسلوب البياني ليس متجهاً كالآية الأخرى ، لأن العيشة ليست محلاً لغيرها بل هي حالة ، والمحل الحقيقي هو الجنة والعيشة حالة فيها ، وهي اسم لمعاني النعيم كما تقدم ، فيكون حمل الإسناد على الحقيقة أصح . .
وقد جاءت الأحاديث : أن الجنة تحس بأهلها وتفرح بعمل الخير ، كما أنها تتزين وتبتهج في رمضان ، وأنها تناظرت مع النار . وكل يدلي بأهله وفرحه بهم ، حتى وعد الله كلاً بملئها . .
ونصوص تلقي الحور والولدان والملائكة في الجنة لأهل الجنة بالرضى والتحية معلومة . .
وقوله : { لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَلَهُمْ مَّا يَدَّعُونَ } ، أي لا يتأخر عنهم شيء . .
وقوله : { وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ } . .
وقوله : { فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلاَ جَآنٌّ } . .
وقاصرات الطرف عن رضى بأهلهن . ومنه { حُورٌ مَّقْصُورَاتٌ فِى الْخِيَامِ } ، أي على أزواجهن .