@ 59 @ السورة في معرض الإخبار عن المستقبل : إذا زلزلزت الأرض زلزالها ، وإذا أخرجت الأرض أثقالها ، وإذا قال الإنسان ما لها . في ذلك اليوم الآتي تحدث أخبارها ، وفي ذلك اليوم يصدر الناس أشتاتاً ليروا أعمالهم التي عملوها من قبل كما في قوله : { يَوْمَ يَنظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ } ، وقوله : { وَوَجَدُواْ مَا عَمِلُواْ حَاضِرًا } . .
ثم جاء الالتفات بمخاطبتهم على سبيل التنبيه والتحذير ، فمن يعمل الآن في الدنيا مثقال ذرة خيراً يره ، ومن يعمل الآن في الدنيا مثقال ذرة شراً يره في الآخرة ، ومثقال الذرة ، قيل : هي النملة الصغيرة ، لقول الشاعر : هي النملة الصغيرة ، لقول الشاعر : % ( من القاصرات الطرف لو دب محول % من الذر فوق الإتب منها لأثرا ) % .
والإتب : قال في القاموس : الإتب بالكسر ، والمئبتة كمكنسة برد يشق ، فتلبسه المرأة من غير جيب ولا كمين ، وقيل : هي الهباء التي ترى في أشعة الشمس ، وكلاهما مروي عن ابن عباس رضي الله عنهما . .
وسيأتي زيادة إيضاح لكيفية الوزن في سورة القارعة إن شاء اللَّه . .
ولعل ذكر الذرة هنا على سبيل المثال لمعرفتهم لصغرها ، لأنه تعالى عمم العمل في قوله : { يَوْمَ يَنظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ } ، أيا كان هو مثقال ذرة أو مثاقيل القناطير ، وقد جاء النص صريحاً بذلك في قوله تعالى : { وَمَا يَعْزُبُ عَن رَّبِّكَ مِن مِّثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الاٌّ رْضِ وَلاَ فِى السَّمَآءِ وَلاَ أَصْغَرَ مِن ذالِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلاَّ فِى كِتَابٍ مُّبِينٍ } . .
وهنا تنبيهان : الأول من ناحية الأصول ، وهو أن النص على مثقال الذرة من باب التنبيه بالأدنى على الأعلى ، فلا يمنع رؤية مثاقيل الجبال ، بل هي أولى وأحرى . .
وهذا عند الأصوليين ما يسمى الإلحاق بنفي الفارق ، وقد يكون المسكوت عنه أولى بالحكم من المنطوق به ، وقد يكون مساوياً له ، فمن الأول هذه الآية وقوله : { فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا } ، ومن المساوي قوله تعالى : { إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِى بُطُونِهِمْ نَاراً } ، فإن إحراق ماله وإغراقه