@ 57 @ .
فقيل : موتاها . وقيل : كنوزها ، وقيل : التحدث بما عمل عليها الإنسان . ولعل الأول أرجح هذه الثلاثة ، لأن إخراج كنوزها سيكون قبل النفخة ، والتحدث بالأعمال منصوص عليه بذاته ، فليس هو الأثقال . ورجحوا القول الأول لقوله تعالى : { أَلَمْ نَجْعَلِ الاٌّ رْضَ كِفَاتاً * أَحْيَآءً وَأَمْواتاً } . .
وقالوا : الإنس والجن ثقلان على ظهرها ، فهما ثقل عليها ، وفي بطنها فهم ثقل فيها ، ولذا سميا بالثقلين . قال الفخر الرازي وابن جرير . .
وروي عن ابن عباس : أنه موتاها . .
وشبيه بذلك قوله : { وَإِذَا الاٌّ رْضُ مُدَّتْ * وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ } ، ولا يبعد أن يكون الجميع إذا راعينا صيغة الجمع أثقالها ، ولم يقل ثقلها وإرادة الجمع مروية أيضاً عن ابن عباس . ذكره الألوسي ، وابن جرير عنه وعن مجاهد . .
وحكى الشيخ رحمه الله تعالى علينا وعليه القولين في إملائه : أي موتاها ، وقيل : كنوزها وقوله تعالى : { وَقَالَ الإِنسَانُ مَا لَهَا } ، لفظ الإنسان هنا عام وظاهره أن كل إنسان يقول ذلك ، ولكن جاء ما يدل على أن الذي يقول ذلك هو الكافر . أما المؤمن فيقول : { هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمانُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ } ، وذلك في قوله : { وَنُفِخَ فِى الصُّورِ فَإِذَا هُم مِّنَ الاٌّ جْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ * قَالُواْ ياوَيْلَنَا مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمانُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ } . .
فالكافر يدعو بالويل والمؤمن يطمئن للوعد ، ومما يدل على أن الجواب من المؤمنين ، لا من الملائكة ، كما يقول بعض الناس ، ما جاء في آخر السياق قوله : { فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ } أي كلا الفريقين { لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ } . .
وقوله : { مَا لَهَا } سؤال استيضاح ، وذهول من هول ما يشاهد . وقوله : { يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا } ، التحديث هنا صريح في الحديث وهو على حقيقته ، لأن في ذلك اليوم تتغير أوضاع كل شيء وتظهر حقائق كل شيء ، وكما أنطق الله الجلود ينطق الأرض ، فتحدث بأخبارها ، { وَقَالُواْ لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا قَالُواْ