@ 33 @ .
وفي أبي داود وغيره ( إذا تكلم الله بالوحي سمع أهل السماوات صلصلة كجر السلسلة على الصفوان ) . .
وعلى هذا يكون القرآن موجوداً في اللوح المحفوظ حينما جرى القلم بما هو كائن وما سيكون ، ثم جرى نقله إلى سماء الدنيا جملة في ليلة القدر ، ثم نزل منجماً في عشرين سنة . وكلما أراد الله إنزال شيء منه تكلم سبحانه بما أراد أن ينزله ، فيسمعه جبريل عليه السلام عن الله تعالى . ولا منافاة بين تلك الحالات الثلاث . واللَّه تعالى أعلم . .
وقد قدمنا الكلام على صور كيفية نزول الوحي وتلقى الرسول صلى الله عليه وسلم للوحي . .
وقيل : معنى { أَنزَلْنَاهُ فِى لَيْلَةِ الْقَدْرِ } ، أي أنزلنا القرآن في شأن ليلة القدر تعظيماً لها ، فلم تكن ظرفاً على هذا الوجه . .
والواقع : أن هذا القول وإن كان من حيث الأسلوب ممكناً إلا أن ما بعده يغني عنه ، لأن إعظام ليلة القدر وبيان منزلتها قد نزل فيها قرآن فعلاً ، وهو ما بعدها مباشرة في قوله : { وَمَآ أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ } ، إلى آخر السورة . .
وعليه ، فيكون أول السورة في شأن إنزال القرآن وبيان ظرف إنزاله ، وآخر السورة في ليلة القدر وبيان منزلتها . .
وقد ذكرت ليلة القدر مبهمة ، ولكن جاء في القرآن ما بين الشهر التي هي فيه ، وهو شهر رمضان لقوله تعالى : { شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِى أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ } . .
وتقدم للشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه في سورة الدخان بيان ذلك ، وأنها الليلة التي فيها يبرم كل أمر حكيم ، وليست ليلة النصف من شعبان كما يزعم بعض الناس . .
وتقدم للشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه ، بيان الحكمة من إنزاله مفرقاً عند قوله تعالى : { كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُواْ ءَايَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُو الاٌّ لْبَابِ } . { لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ } . القدر : الرفعة ، والقدر : بمعنى المقدار .