@ 18 @ نفس هذه السورة معنى الرسالة ، لما قدمنا من أن القراءة باسم ربك ، إشعار بأنه مرسل من ربه إلى من يقرأ عليهم ، ففيها إثبات الرسالة من أول بدء الوحي . .
تنبيه .
في قوله تعالى : { الَّذِى عَلَّمَ بِالْقَلَمِ } ، مبحث التعليم ومورد سؤال ، وهو إذا كان تعالى تمدح بأنه علّم بالقلم وأنه علّم الإنسان ما لم يعلم ، فكان فيه الإشادة بشأن القلم ، حيث إن الله تعالى قد علم به ، وهذا أعلى مراتب الشرف مع أنه سبحانه قادر على التعليم بدون القلم ، ثم أورده في معرض التكريم في قوله : { ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ * مَآ أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ } ، وعظم المقسم عليه وهو نعمة الله على رسوله صلى الله عليه وسلم بالوحي ، يدل على عظم المقسم به ، وهو القلم وما يسطرون به من كتابة الوحي وغيره . .
وقد ذكر القلم في السنة أنواعاً متفاوتة ، وكلها بالغة الأهمية . .
منها : أولها وأعلاها : القلم الذي كتب ما كان وما سيكون إلى يوم القيامة ، والوارد في الحديث ( أول ما خلق الله القلم ، قال له : اكتب ) الحديث . .
فعلى رواية الرفع ، يكون هو أول المخلوقات ثم جرى بالقدر كله ، وبما قدر وجوده كله . .
ثانيها : القلم الذي يكتب مقادير العام في ليلة القدر من كل سنة ، المشار إليه بقوله : { فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ } . .
ثالثها : القلم الذي يكتب به الملك في الرحم ما يخص العبد من رزق وعمل . .
ثالثها : القلم الذي بأيدي الكرام الكاتبين المنوه عنه بقوله تعالى : { مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ } ، أي بالكتابة كما في قوله : { كِرَاماً كَاتِبِينَ * يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ } ، إذا قلنا إن الكتابة في ذلك تستلزم قلماً ، كما هو الظاهر . .
رابعاً : القلم الذي بأيدي الناس يكتبون به ما يعلمهم اللَّه ، ومن أهمها أقلام كتاب الوحي ، الذين كانوا يكتبون الوحي بين يدي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ، وكتابة سليمان لبلقيس