@ 569 @ : ويقول حكيمهم : % ( ومن لم يذد عن حوضه بسلاحه % يهدم ومن لم يظلم الناس يظلم ) % .
قوم يئدون بناتهم ، ويحرمون من الميراث نساءهم ، يأكلون التراث أكلاً لماً ، ويحبون المال حباً ، فقلب مقاييسهم وعدل مفاهيمهم ، فألان قلوبهم ورقق طباعهم ، فلانوا مع هذا الضعيف وحفظوا حقه . .
وحقيقة هذا التشريع الإلهي الحكيم منذ أربعة عشر قرناً تأتي فوق كل ما تتطلع إليه آمال الحضارات الإنسانية كلها ، مما يحقق كمال التكامل الاجتماعي بأبهى معانيه ، المنوه عنه في الآية الكريمة { وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُواْ مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافاً خَافُواْ عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُواّ اللَّهَ وَلْيَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيداً } ، فجعل كافل اليتيم اليوم ، إنما يعمل حتى فيما بعد لو ترك ذرية ضعافاً ، وعبَّر هنا عن الأيتام بلازمهم وهو الضعف إبرازاً لحاجة اليتيم إلى الإحسان ، بسبب ضعفه فيكونون موضع خوفهم عليهم لضعفهم ، فليعاملوا الأيتام تحت أيديهم ، كما يحبون أن يعامل غيرهم أيتامهم من بعدهم . .
وهكذا تضع الآية أمامنا تكافلاً اجتماعياً في كفالة اليتيم ، بل إن اليتيم نفسه ، فإِنه يتيم اليوم ورجل الغد ، فكما تحسن إليه يحسن هو إلى أيتامك من بعدك ، وكما تدين تدان ، فإن كان خيراً كان الخير بالخير والبادىء أكرم ، وإن شرًا كان بمثله والبادىء أظلم . .
ومع هذا الحق المتبادل ، فإن الإسلام يحث عليه ويعني به ، ورغَّب في الإحسان إليه وأجزل المثوبة عليه ، وحذَّر من الإساءة عليه ، وشدد العقوبة فيه . .
وقد يكون فيما أوردناه إطالة ، ولكنه وفاءً بحق اليتيم أولاً ، وتأثر بكثرة ما يلاقيه اليتيم ثانياً . .
تنبيه .
ليس من باب الإساءة إلى اليتيم تأديبه والحزم معه ، بل ذلك من مصلحته كما قيل : ليس من باب الإساءة إلى اليتيم تأديبه والحزم معه ، بل ذلك من مصلحته كما قيل : % ( قسا ليزدجروا ومن يك حازما % فليقس أحياناً على من يرحم ) % .
وقوله : .
{ وَأَمَّا السَّآئِلَ فَلاَ تَنْهَرْ } ، قالوا : السائل الفقير والمحتاج ، يسأل ما يسد حاجته وهو مقابل لقوله : { وَوَجَدَكَ عَآئِلاً فَأَغْنَى } ، أي فكما أغناك الله وبدون سؤال ،