@ 565 @ بسيطة من باب التحيل أو نحوه ، من استبدال شيء مكان شيء ، فيكون طريقاً لاستبدال طيب بخبيث ، فجاء قوله تعالى : { وَءَاتُواْ الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَتَبَدَّلُواْ الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوباً كَبِيراً } . .
والحوب : أعظم الذنب ، ففيه النهي عن استبدال طيب ماله ، بخبيث مال الولي أو غيره حسداً له على ماله ، كما نهى عن خلط ماله مع مال غيره كوسيلة لأكله مع مال الغير ، وهذا منع للتحيل وسد للذريعة ، حفظاً لماله . .
ثم يأتي الوعيد الشديد في صورة مفزعة في قوله تعالى : { إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِى بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً } . .
وقد اتفق العلماء : أن الآية شملت في النهي عن أكل أموال اليتامى كل ما فيه إتلاف أو تفويت سواء كان بأكل حقيقة أو باختلاس أو بإحراق أو إغراق ، وهو المعروف عند الأصوليين بالإلحاق بنفي الفارق ، إذ لا فرق في ضياع مال اليتيم عليه ، بين كونه بأكل أو إحراق بنار أو إغراق في ماء حتى الإهمال فيه ، فهو تفويت عليه وكل ذلك حفظاً لماله . .
وأخيراً ، فإذا تم الحفاظ على ماله لم يقربه إلا بالتي هي أحسن ، ولم يبدله بغيره أقل منه ، ولم يخلطه بماله ليأكله عليه ، ولم يعتد عليه بأي إتلاف كان محفوظًا له ، إلى أن يذهب يتمه ويثبت رشده ، فيأتي قوله تعالى : { وَابْتَلُواْ الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ فَإِنْ ءَانَسْتُمْ مِّنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُواْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَأْكُلُوهَآ إِسْرَافاً وَبِدَاراً أَن يَكْبَرُواْ } . .
ثم أحاط دفع المال إليه بموجبات الحفظ بقوله في آخر الآية : { فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُواْ عَلَيْهِمْ } ، أي حتى لا تكون مناكرة فيما بعد . .
وفي الختام ينبه الله فيهم وازع مراقبة الله بقوله : { وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيباً } ، وفيه إشعار بأن أمواله تدفع إليه بعد محاسبة دقيقة فيما له وعليه . .
ومهما يكن من دقة الحساب ، فاللَّه سيحاسب عنه ، وكفى باللَّه حسيباً ، وهذا كله في حفظ ماله . .
أما جلب المصالح ، فإننا نجد فيها أولاً جعله مع الوالدين ، والأقربين ، في عدة