@ 564 @ .
وقد ساق تعالى هنا ثلاث مسائل : الأولى معاملة الأيتام فقال : { فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلاَ تَقْهَرْ } ، أي كما آواك الله فآوه ، وكما أكرمك فأكرمه . .
وقالوا : قهر اليتيم أخذ ماله وظلمه . .
وقيل : قرىء بالكاف ( تكهر ) ، فقالوا : هو بمعنى القهر إلاَّ أنه أشد . .
وقيل : هو بمعنى عبوسة الوجه ، والمعنى أعلم ، كما قال صلى الله عليه وسلم : ( اللَّهم إني أعوذ بك من الهم والحزن ومن العجز والكسل ، ومن الجبن والبخل ، ومن غلبة الدَّيْن وقهر الرجال ) ، فالقهر أعم من ذلك . .
وبالنظر في نصوص القرآن العديدة في شأن اليتيم ، والتي زادت على العشرين موضعاً ، فإنه يمكن تصنيفها إلى خمسة أبواب كلها تدور حول دفع المضار عنه ، وجلب المصالح له في ماله وفي نفسه ، فهذه أربعة ، وفي الحالة الزوجية ، وهي الخامسة . أما دفع المضار عنه في ماله ، ففي قوله تعالى : { وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِى هِىَ أَحْسَنُ } ، جاءت مرتين في سورة الأنعام والأخرى في سورة الإسراء ، وفي كل من السورتين ضمن الوصايا العشر المعروفة في سورة الأنعام ، بدأت بقوله تعالى : { قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً } . .
وذكر قتل الولد وقربان الفواحش وقتل النفس ثم مال اليتيم . ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن . .
ويلاحظ أن النهي منصب على مجرد الاقتراب من ماله إلاّ بالتي هي أحسن ، وقد بين تعالى التي هي أحسن بقوله : { وَمَن كَانَ غَنِيّاً فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَن كَانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ } . .
وقد نص الفقهاء على أن من ولى مال اليتيم واستحق أجراً ، فله الأقل من أحد أمرين : إما نفقته في نفسه ، وإما أجرته على عمله ، أي إن كان العمل يستحق أجرة ألف ريال ، ونفقته يكفي لها خمسمائة أخذ نفقته فقط ، وإن كان العمل يكفيه أجرة مائة ريال ، ونفقته خمسمائة أخذ أجرته مائة فقط ، حفظاً لماله . .
ثم بعد النهي عن اقتراب مال اليتيم ذلك ، فقد تتطلع بعض النفوس إلى فوارق