@ 560 @ الضلال : يكون حساً ومعنى ، فالأول : كمن تاه في طريق يسلكه ، والثاني : كمن ترك الحق فلم يتبعه . .
فقال قوم : المراد هنا هو الأول ، كأن قد ضل في شعب من شعاب مكة ، أو في طريقه إلى الشام . ونحو ذلك . .
وقال آخرون : إنما هو عبارة عن عدم التعليم أولاً ثم منحه من العلم مما لم يكن يعلم ، كقوله : { مَا كُنتَ تَدْرِى مَا الْكِتَابُ وَلاَ الإِيمَانُ وَلَاكِن جَعَلْنَاهُ نُوراً نَّهْدِى بِهِ مَن نَّشَآءُ مِنْ عِبَادِنَا } . .
وتقدم للشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه ، بحث هذه المسألة في عدة مواضع : أولاً في سورة يوسف عند قوله تعالى : { إِنَّ أَبَانَا لَفِى ضَلَالٍ مُّبِينٍ } ، وساق شواهد الضلال لغة هناك . .
وثانياً : في سورة الكهف عند قوله تعالى : { الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِى الْحَيَواةِ الدُّنْيَا } . .
وثالثاً : في سورة الشعراء عند قوله تعالى : { قَالَ فَعَلْتُهَآ إِذاً وَأَنَاْ مِنَ الضَّآلِّينَ } . .
وفي دفع إيهام الاضطراب أيضاً : وهذا كله يعني عن أي بحث آخر . .
ومن الطريف ما ذكره أبو حيان عند هذه الآية ، حيث قال : ولقد رأيت في النوم ، أني أفكر في هذه الجملة ، فأقول على الفور : ووجدك : أي وجد رهطك ضالاً فهداه بك ، ثم أقول : على حذف مضاف ، نحو : واسأل القرية . ا ه . .
وقد أورد النيسابوري هذا وجهاً في الآية ، وبهذه المناسبة أذكر منامين كنت رأيتهما ولم أرد ذكرهما حتى رأيت هذا لأبي حيان ، فاستأنست به لذكرهما ، وهما : الأول عندما وصلت إلى سورة ن عند قوله تعالى : { وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ } ، ومن منهج الأضواء تفسير القرآن بالقرآن ، وهذا وصف مجمل ، وحديث عائشة ( كان خُلقه القرآن ) فأخذت في التفكير ، كيف أفصل هذا المعنى من القرآن ، وأبين حكمه وصفحه وصبره وكرمه وعطفه ورحمته