@ 545 @ بصفة من صفات الله وهي صفة الخلق ، ويكون خص الذكر والأنثى لما فيهما من بديع صنع الله وقوة قدرته سبحانه على ما يأتي . .
وعلى قراءة : والذكر والأنثى . يكون القسم بالمخلوق كالليل والنهار ، لما في الخلق من قدرة الخالق أيضاً ، وعلى أنها بمعنى الذي يكون القسم بالخالق سبحانه ، وتكون ما هنا مثل ما في قوله : { وَالسَّمَآءِ وَمَا بَنَاهَا } ، وغاية ما فيه استعمالها وهي في الأصل لغير أولي العلم ، إلا أنها لوحظ فيها معنى الصفة ، وهي صفة الخلق أو على ما تستعمله العرب عند القرينة ، كقوله تعالى : { وَلاَ تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ ءَابَاؤُكُمْ } ، وقوله : { فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُمْ مِّنَ النِّسَآءِ } ، لما لوحظ فيه معنى الصفة وهو الاستمتاع ، ساغ استعمال ما بدلاً عن من . .
وفي اختصاص خلق الذكر والأنثى في هذا المقام لفت نظر إلى هذه الصفة ، لما فيها من إعجاز البشر عنها ، كما في الليل والنهار من الإعجاز للبشر من أن يقدروا على شيء في خصوصه ، كما قدمنا في السورة قبلها . .
وذلك : أن أصل التذكير والتأنيث أمر فوق إدراك وقوى البشر ، وهي كالآتي أولاً في الحيوانات الثديية ، وهي ذوات الرحم تحمل وتلد ، فإنها تنتج عن طريق اتصال الذكور بالإناث . .
وتذكير الجنين أو تأنيثه ليس لأبويه دخل فيه ، إنه من نطفة أمشاج ، أي أخلاط من ماء الأب والأم ، وجعل هذا ذكراً وذاك أنثى ، فهو هبة من الله كما في قوله : { يَهَبُ لِمَن يَشَآءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَن يَشَآءُ الذُّكُورَ أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَاثاً وَيَجْعَلُ مَن يَشَآءُ عَقِيماً إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ } . .
وقد ثبت علمياً أن سبب التذكير والتأنيث من جانب الرجل ، أي أن ماء المرأة صالح لهذا وذاك ، وماء الرجل هو الذي به يكون التمييز لانقسام يقع فيه ، فالمرأة لا تعدو أن تكون حرثاً ، والرجل هو الزارع ، ونوع الزرع يكون عن طريقه ، كما أشارت إليه الآية الكريمة { نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ } ، والحرث لا يتصرف في الزرع ، وإنما التصرف عن طريق الحارث . .
ويتم ذلك عن طريق مبدء معلوم علمياً ، وهو أن خلية التلقيح في الأنثى دائماً وأبدا