@ 534 @ . .
والأحاديث في الإحسان إلى اليتيم متضافرة ، ويكفي قوله صلى الله عليه وسلم : ( أنا وكافل اليتيم في الجنة كهذين ) أي السبابة والتي تليها . { أَوْ مِسْكِيناً ذَا مَتْرَبَةٍ } . قيل : المسكين من السكون وقلة الحركة ، والمتربة : اللصوق بالتراب . .
وقد اختلف في التفريق بين المسكين والفقير أيهما أشد احتياجاً وما حد كل منهما ، فاتفقوا أولاً على أنه إذا افترقا اجتمعا وإذا اجتمعا افترقا ، وإذا ذكر أحدهما فقط ، فيشمل الثاني معه ، ويكون الحكم جامعاً لهما كما هو هنا ، فالإطعام يشمل الإثنين معاً ، وإذا اجتمعا فرق بينهما بالتعريف . .
فالمسكين كما تقدم والفقير ، قالوا : مأخوذ من الفقرة وهي الحفرة تحفر للنخلة ونحوها للغرس ، فكأنه نزل إلى حفرة لم يخرج منها . .
وقيل : من فقار الظهر ، وإذا أخذت فقار منها عجز عن الحركة ، فقيل : على هذا الفقير أشد حاجة ، ويرجحه ما جاء في قوله تعالى : { أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِى الْبَحْرِ } فسماهم مساكين مع وجود سفينة لهم يتسببون عليها للمعيشة ، ولقوله صلى الله عليه وسلم ( اللَّهم أحيني مسكيناً وأمتني مسكيناً ) الحديث . مع قوله صلى الله عليه وسلم ( اللّهم إني أعوذ بك من الفقر ) ، وهذا الذي عليه الجمهور ، خلافًا لمالك . .
وقد قالوا في تعريف كل منهما : المسكين من يجد أقل ما يكفيه ، والفقير : من لا يجد شيئًا ، واللَّه تعالى أعلم . { فَكُّ رَقَبَةٍ } . هذا قيد في اقتحام العقبة ، بتلك الأعمال من عتق أو إطعام ، لأن عمل غير المؤمن لا يجعله يقتحم العقبة يوم القيامة لإحباط عمله ولاستيفائه إياه في الدنيا ، وثم هنا للترتيب الذكري لا الزمني ، لأن الإيمان مشروط وجوده عند العمل . .
وتقدم للشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه بيان شروط قبول العمل وصحته في سورة الإسراء عند قوله تعالى : { وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ } ، وكقوله : { وَمَنْ أَرَادَ الاٌّ خِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ } ، وقوله : { مَنْ