@ 530 @ .
وقد اختلف في المراد بحل هل هو من الإحلال بالمكان ، أو هو من التحلل ضد الإحرام ؟ .
فأكثر المفسرين أنه من الإحلال ضد الإحرام ، واختلفوا في المراد بالإحلال هذا . .
فقيل : هو إحلال مكة له في عام الفتح ، ولم تحل لأحد قبله ولا بعده . .
وقيل : حل : أي حلال له ما يفعل بمكة غير آثم ، بينما هم آثمون بفعلهم . .
وقيل : حل : أي أن المشركين معظمون هذا البلد وحرمته في نفوسهم ، ولكنهم مستحلون إيذاءك وإخراجك . .
وذكر أبو حيان : أنه من الحلول والبقاء والسكن ، أي وأنت حال بها . ا ه . .
وعلى الأول يكون إخباراً عن المستقبل ووعداً بالفتح ، وأنها تحل له بعد أن كانت حراماً ، فيقاتل أهلها وينتصر عليهم أو أنه تسلية له ، وأن الله عالم بما يفعلون به ، وسينصره عليهم . .
وعلى الثاني : يكون تأكيداً لشرف مكة ، إذ هي أولاً فيها بيت الله وهو شرف عظيم ، ثم فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم حال فيها بين أهلها . .
والذي يظهر واللَّه تعالى أعلم : أن هذا الثاني هو الراجح ، وإن كان أقل قائلاً ، وذلك لقرائن من نفس السورة ومن غيرها من القرآن الكريم . .
منها : أن حلوله صلى الله عليه وسلم بهذا البلد له شأن عظيم فعلاً ، وأهمه أن الله رافع عنهم العذاب لوجوده فيهم ، كما في قوله تعالى : { وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ } ، فكأنه تعالى يقول : وهذا البلد الأمين من العذاب ، وهؤلاء الآمنون من العذاب بفضل وجودك فيهم . .
ومنها : أنه صلى الله عليه وسلم بحلوله فيها بين أظهرهم ، يلاقي من المشاق ويصبر عليها . .
وفيه أروع المثل للصبر على المشاق في الدعوة ، فقد آذوه كل الإيذاء ، حتى وضعوا سلا الجزور عليه وهو يصلي عند الكعبة ، وهو يصبر عليهم ، وآذوه في عودته من الطائف ، وجاءه ملك الجبال نصرة له ، فأبى وصبر ودعا لهم ، ومنعوه الدخول إلى