@ 526 @ ، أوقع في العظة والاعتبار ، بأن من أهلك تلك الأمم ، قادر على إهلاك المكذبين من قريش وغيرهم . .
صدق الله العظيم : { إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ } . { فَأَمَّا الإِنسَانُ إِذَا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّى أَكْرَمَنِ * وَأَمَّآ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّى أَهَانَنِ كَلاَّ } . بين تعالى أنه يعطي ويمسك ابتلاء للعبد . .
وقوله تعالى : { كَلاَّ } ، وهي كلمة زجر وردع ، وبيان أن المعنى لا كما قلتم فيه تعديل لمفاهيم الكفار ، بأن العطاء والمنع لا عن إكرام ولا لإهانة ، ولكنه ابتلاء ، كما في قوله تعالى : { كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً } . .
وقوله : { وَاعْلَمُواْ أَنَّمَآ أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ } . { كَلاَّ بَل لاَّ تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ * وَلاَ تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ * وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلاً لَّمّاً * وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبّاً جَمّاً } . بعد ما بين سبحانه صحة المفاهيم في العطاء والمنع ، جاء في هذه الآيات وبين حقيقة فتنة المال إيجاباً وسلباً جمعاً وبذلاً ، فبدأ بأقبح الوجوه من الإمساك من عدم إكرام اليتيم ، مهيض الجناح ، مكسور الخاطر ، والتقاعس عن إطعام المسكين ، خالي اليد جائع البطن ، ساكن الحركة ، وهذان الجانبان أهم مهمات بذل المال وهم يمسكون عنها ، وقد بين تعالى أن هذا الجانب هو اقتحام العقبة عند الشدة ، في قوله تعالى في سورة البلد { فَلاَ اقتَحَمَ الْعَقَبَةَ * وَمَآ أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ * فَكُّ رَقَبَةٍ * أَوْ إِطْعَامٌ فِى يَوْمٍ ذِى مَسْغَبَةٍ * يَتِيماً ذَا مَقْرَبَةٍ * أَوْ مِسْكِيناً ذَا مَتْرَبَةٍ } . .
ومن الجانب الآخر { وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلاً لَّمّاً } أي الميراث ، فلا يعطون النسوة وهن ضعيفات الشخصية ، أحوج إلى مال مورثهن ، وتحبون المال حباً حتى استعبدكم وألهاكم التكاثر فيه . .
وهنا لفت نظر للفريقين ، فمن أُعطي منهم لا ينبغي له أن يغفل طرق البذل الهامة ، ومن مُنع لا ينبغي له أن يستشرف إلى ما لا ينبغي له ، وباللَّه تعالى التوفيق . { كَلاَّ إِذَا دُكَّتِ الاٌّ رْضُ دَكّاً دَكّاً * وَجَآءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً } .