@ 523 @ الخلاف في التعيين هل المراد به عموم الليالي في كل ليلة أم ليلة معينة ، وما هي ؟ .
فقيل : بالعموم كقوله : { وَالَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ } . .
وقيل : بالخصوص في ليلة مزدلفة أو ليلة القدر . .
وأيضاً يقال : إذا كان الفجر فجر النحر ، والعشر عشر ذي الحجة فيكون { وَالَّيْلِ إِذَا يَسْرِ } ، ليلة الجمع . واللَّه تعالى أعلم . .
وقد رجح القرطبي وغيره عموم الليل ، وقد جمع في هذا القسم جميع الموجودات جملة وتفصيلاً ، فشملت الخالق والمخلوق والشفع والوتر إجمالاً وتفصيلاً ، في انفجار الفجر وانتشار الخلق وسريان الليل وسكون الكون ، والعبادات في الليالي العشر . .
فكان من أعظم ما أقسم الله به قوله تعالى : { هَلْ فِى ذَلِكَ قَسَمٌ لِّذِى حِجْرٍ } ، أي عقل ، والحجر كل مادته تدور على الإحكام والقوة ، فالحجر لقوته ، والحجرة لإحكام ما فيها . والعقل سمي حِجراً بكسر الحاء . لأنه يحجر صاحبه عما لا يليق ، والمحجور عليه لمنعه من تصرفه وإحكام أمره ، وحجر المرأة لطفلها ، فهذه المقسم بها الخمسة هل فيها قسم كاف لذي عقل ، والجواب : بلى ، وهذا ما يقوي هذا القسم بلا شك . .
ثم اختلف في جواب هذا القسم حيث لم يصرح تعالى به ، كما صرح به في نظيره ، وهو قوله : { فَلاَ أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ * وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ } . ثم صرَّح بالمقسم عليه { إِنَّهُ لَقُرْءَانٌ كَرِيمٌ } . وهنا لم يصرح به مع عظم القسم فوقع الخلاف في تعيينه . .
فقيل : هو مقدر تقديره ليعذبن يدل له قوله : { أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ } إلى قوله : { فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ } . .
وقيل : موجود وهو قوله : { إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ } ، قاله القرطبي . .
وهذا من حيث الصناعة في اللغة وأساليب التفسير وجيه ، ولكن يوجد في نظري واللَّه تعالى أعلم : ارتباط بين القسم وجوابه وبينما يجيء في آخر السورة من قوله :