@ 522 @ .
والشفع والوتر : ذكر المفسرون أكثر من عشرين قولاً ومجموعها يشمل جميع المخلوقات جملة وتفصيلاً . .
أما جملة فقالوا : إنما الوتر هو الله ، للحديث : ( إن الله وتر يحب الوتر ) ، وما سواه شفع ، كما في قوله تعالى : { وَمِن كُلِّ شَىْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ } ، فهذا شمل كل الوجود الخالق والمخلوق ، كما في عموم { فَلاَ أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ * وَمَا لاَ تُبْصِرُونَ } . .
أما التفصيل فقالوا : المخلوقات إما شفع كالحيوانات أزواجاً ، والسماء . والأرض ، والجبل ، والبحر ، والنار ، والماء . وهكذا ذكروا لكل شيء مقابله ، ومن الأشياء الفرد كالهواء وكلها من باب الأمثلة . .
والواقع أن أقرب الأقوال عندي والله أعلم : أنه هو الأول لأنه ثبت علمياً أنه لا يوجد كائن موجود بمعنى الوتر قط حتى الحصاة الصغيرة . .
فإنه ثبت أن كل كائن جماد أو غيره مكون من ذرات والذرة لها نواة ومحيط ، وبينهما ارتباط وعن طريقهما التفجير الذي اكتشف في هذا العصر ، حتى في أدق عالم الصناعة كالكهرباء ، فإنها من سالب وموجب ، وهكذا لا بد من دورة كهربائية للحصول على النتيجة من أي جهاز كان ، حتى الماء الذي كان يظن به البساطة فهو زوج وشفع من عنصرين ، أكسجين وهدروجين ، ينفصلان إذا وصلت درجة حرارة الماء إلى مائة أي الغليان ، ويتآلفان إذا نزلت الدرجة إلى حد معين فيتاقطران ماء . وهكذا . .
ونفس الهواء عدة غازات وتراكيب ، فلم يبق في الكون شيء قط فرداً وتراً بذاته ، إلا ما نص عليه الحديث ( إن الله وتر يحب الوتر ) ويمكن حمل الحديث على معنى الوتر فيه مستغني بذاته عن غيره ، والواحد في ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله . فصفاته كلها وتر كالعلم بلا جهل والحياة بلا موت . إلخ . بخلاف المخلوق ، وقلنا : المستغني بذاته عن غيره ، لأن كل مخلوق شفعاً ، فإن كل عنصر منه في حاجة إلى العنصر الثاني ، ليكون معه ذاك الشيء والله سبحانه بخلاف ذلك . ولهذا كان القول الأول ، وهو أن الوتر هو اللَّه ، والشفع هو المخلوقات جميعها ، هو القول الراجح ، وهو الأعم في المعنى . .
قوله : { وَالَّيْلِ إِذَا يَسْرِ } ، اتفق المفسرون على المعنى وهو سريان الليل ، ولكن