@ 516 @ لَغْواً وَلاَ تَأْثِيماً * إِلاَّ قِيلاً سَلَاماً سَلَاماً } . { فِيهَا عَيْنٌ جَارِيَةٌ } . ومعلوم أنها عيون وأنهار تجري ، كقوله : { فِى جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ } ، ومن لوازم العيون والأنهار ، هو كمال النعيم ، فأشجار ورياحين ، فروح وريحان وجنة نعيم . وهذا في التعميم يقابل العين الآنية في الحميم للقسم الأول ، فيها سرر مرفوعة وهم عليها متكؤن بدل من عمل الآخرين في نصب وشقاء . وأكواب موضوعة لإتمام التمتع وكمال الخدمة والرفاهية . ونمارق مصفوفة متكا وزرابي مبثوثة مفروشة في كل مكان ، فاكتمل النعيم من كل جانب ، حيث اشتمل ما تراه العين وما تسمعه الأذن وما يتذوقون طعمه من شراب وغيره . .
فيكون بذلك قد غشيتهم النعمة ، كما غشيت أولئك النقمة وتكون الغاشية بمعنى الشاملة ، وعلى عمومها للفريقين ، وهي صالحة لغة وشرعًا للمعذبين بالعذاب ، وللمنعمين بالنعيم . وباللَّه تعالى التوفيق . .
تنبيه .
مجيء { فِيهَا } مرتين : { فِيهَا عَيْنٌ جَارِيَةٌ * فِيهَا سُرُرٌ مَّرْفُوعَةٌ } . للدلالة على قسمي نعيم الجنة . الأول : عيون ونزهة . والثاني : سرر وسكن . { أَفَلاَ يَنظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ * وَإِلَى السَّمَآءِ كَيْفَ رُفِعَتْ * وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ * وَإِلَى الاٌّ رْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ * فَذَكِّرْ إِنَّمَآ أَنتَ مُذَكِّرٌ } . توجيه الأنظار إلى تلك المذكورات الأربعة ، لما فيها من عظيم الدلائل على القدرة وعلى البعث وثم الإقرار لله تعالى بالوحدانية والألوهية ، نتيجة لإثبات ربوبيته تعالى لجميع خلقه . .
أما الإبل فلعلها أقرب المعلومات للعرب وألصقها بحياتهم في مطعمهم من لحمها ومشربهم من ألبانها ، وملبسهم من أوبارها وجلودها ، وفي حلهم وترحالهم بالحمل عليها مما لا يوجد في غيرها في العالم كله لا في الخيل ولا في الفيلة ، ولا في أي حيوان آخر ، وقد وجه الأنظار إليها مع غيرها في معرض امتنانه تعالى عليهم في قوله : { أَوَلَمْ