@ 482 @ تدل عليّ ، فكان الغلام يبرىء الأكمه والأبرص وسائر الأدواء ويشفيهم ، وكان للملك جليس أعمى فسمع به ، فأتاه بهدايا كثيرة ، فقال : اشفني . فقال : ما أنا أشفي أحداً ، إنما يشفي الله عزَّ وجلَّ ، فإن آمنت به دعوت الله فشفاك ، فآمن فدعا الله فشفاه ، ثم أتى الملك فجلس منه نحو ما كان يجلس ، فقال له الملك : يا فلان من ردَّ عليك بصرك ؟ فقال : ربي ، فقال : أنا . قال : لا ، ربي وربك اللَّه ، قال : ولك رب غيري ؟ قال : نعم ، ربي وربك اللَّه ، فلم يزل يعذبه حتى دلّه على الغلام ، فبعث إليه فقال : أي بني بلغ من سحرك أن تبرىء الأكمه والأبرص ، وهذه الأدواء ، فقال : أما أنا لا أشفي أحداً إنما يشفي الله عز وجل ، قال : أنا . قالا : لا ، قال : أولك رب غيري ؟ قال : ربي وربك الله فأخذه أيضاً بالعذاب حتى دل على الراهب فأوتي بالراهب فقيل : ارجع عن دينك فأبى ، فوضع المنشار في مفرق رأسه حتى وقع شقاه ، وقال للأعمى : ارجع عن دينك ، فأبى ، فوضع المنشار في مفرقه أيضاً ، وقال للغلام : ارجع عن دينك فأبى ، فبعث به مع نفر إلى جبل كذا وكذا ، وقال : إذا بلغتم ذروته ، فإن رجع عن دينه وإلاَّ فدهدهوه ، فذهبوا به فلما علوا به الجبل ، قال : اللَّهم اكفنيهم بما شئت ، فرجف بهم الجبل فدهدهوا أجمعون ، وجاء الغلام يتلمس حتى دخل على الملك ، فقال : ما فعل أصحابك ؟ فقال : كفانيهم الله تعالى ، فبعث به نفراً إلى البحر في فرفور ، فقال : إذا لججتم به البحر ، فإن رجع عن دينه وإلا فأغرقوه ، فقال الغلام : اللَّهم أكفنيهم بما شئت فغرقوا هم ، وجاء الغلام حتى دخل على الملك فقال للملك : إنك لست بقاتلي حتى تفعل ما آمرك به ، قال : ما هو ؟ قال : تجمع الناس في صعيد واحد ، ثم تصلبني على جذع وتأخذ سهماً من كنانتي ثم قل : بسم الله رب الغلام ، فإنك إن فعلت ذلك قتلتني ففعل ، ووضع السهم في قوسه ورماه به في صدغه ، فوضع الغلام يده على موضع السهم ومات ، فقال الناس آمنا برب الغلام ، فقيل للملك : أرأيت ما كنت تحذر ، فقد والله وقع بك ، قد آمن الناس كلهم بأمر بأفواه السكك ، فخدت فيها الأخاديد وأُضرِمت فيها النيران ، وقال : من رجع عن دينه فدعوه وإلاَّ فأقحموه فيها قال : فكانوا يتمادون ويتدافعون ، فجاءت امرأة بِابنٍ لها ترضعه فكأنها تقاعست أن تقع في النار ، فقال الصبي : اصبري يا أماه فإنك على الحق . وقد قيل : إن الغلام دفن فوجد زمن عمر بن الخطاب ويده على صدغه ، كلما رُفعت خرج الدم من جرحه ، وإذا تُركت أعيدت على الجرح ) . .
وقد سقنا هذه القصة ، وهي من أمثل ما جاء في هذه المعنى لما فيها من