@ 451 @ .
وتقدم للشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه في سورة الأنعام عند الكلام على قوله تعالى : { وَيُرْسِلُ عَلَيْكُم حَفَظَةً } مستدلاً بقوله تعالى : { لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ } . .
وممَّا تجدر الإشارة إليه ، أن في وصف الحفظة هنا بهذه الصفات ، من كونهم حافظين كراماً يعلمون ، فاجتمعت لهم كل صفات التأهيل ، لا على درجات الكناية من حفظ وعلو منزلة ، وعلم بما يكتبون . .
وكأنه توجيه لما ينبغي لولاة الأمور مراعاته في استكتاب الكتاب والأمناء . .
ولذا قالوا : على القاضي أن يتخير كاتباً أميناً حسن الخط فاهماً . .
ومن هذا الوصف يعلم أنه لا يختلط عليهم عمل يعمل ، وكونهم حفظة لا يضيعون شيئاً ، ولو كان مثقال الذرة { فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ } . { إِنَّ الاٌّ بْرَارَ لَفِى نَعِيمٍ } . أي دائم ، كما في قوله تعالى : { يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُم بِرَحْمَةٍ مِّنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَّهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُّقِيمٌ خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً } . { وَمَا هُمَ عَنْهَا بِغَآئِبِينَ } . دليل من دلة خلود الكفار في النار . .
لقوله : { وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِى جَحِيمٍ * يَصْلَوْنَهَا يَوْمَ الدِّينِ * وَمَا هُمَ عَنْهَا بِغَآئِبِينَ } . .
كقوله تعالى : { وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُواْ لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُواْ مِنَّا كَذَالِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ } . .
وهكذا غالباً أسلوب المقابلة بين الفريقين ومهلهما . .
ثم بين أن ذلك يوم الدين وهو يوم الجزاء ، كما تقدم في سورة الفاتحة { مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ } . .
ثمّ بين تعالى شدة الهول في ذلك اليوم { وَمَآ أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ } .