@ 411 @ على هذه الآية ، وفي سورة الأنعام على قوله تعالى : { قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَآ إِلاَّ مَا شَآءَ اللَّهُ } ، وهو بحث مطول ، وسيطبع الكتاب بإذن الله تعالى مع هذه التتمة . .
وذكر القرطبي في معنى الحقب : آثاراً عديدة منها : عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، قال : قال النَّبي صلى الله عليه وسلم : ( والله لا يخرج من النار من دخلها حتى يكون فيها أحقاباً الحقب : بضع وثمانون سنة ، والسنة ثلاثمائة وستون يوماً ، كل يوم ألف سنة مما تعدون . فلا يَتَّكِلَنَّ أحدكم على أنه يخرج من النار ) . ذكره الثعلبي . .
وقد رجح القرطبي دوامهم ، أي الكفار في النار أبد الآبدين . ا ه . قوله تعالى : { وَكُلَّ شَىْءٍ أَحْصَيْنَاهُ كِتَاباً } . قيل المراد بالشيء هنا : أعمال العباد ، أي أنه بعد قوله : { جَزَآءً وِفَاقاً } أي وفق أعمالهم بدون زيادة ولا نقص ، قال : وقد أحصينا أعمالهم وكتبناها ، وهذا كقوله تعالى : { وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ ياوَيْلَتَنَا مَا لِهَاذَا الْكِتَابِ لاَ يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا وَوَجَدُواْ مَا عَمِلُواْ حَاضِرًا وَلاَ يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا } . وقوله : { مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ } ، وقوله : { فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ } ، وقوله : { أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ } . .
واللفظ عام في كل شيء ، ويشهد له قوله تعالى : { إِنَّا كُلَّ شَىْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ } وبقدر فيه معنى الإحصاء ، وفي السنة : حديث القلم المشهور ، وكقوله : { وَكُلَّ شىْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِى إِمَامٍ مُّبِينٍ } وتقدم في سورة الجن قوله تعالى : { وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ وَأَحْصَى كُلَّ شَىْءٍ عَدَداً } . .
وهذه الآية أعظم الدلالات على قدرته تعالى وسعة علمه ، وألا يفوته شيء قط ، وأنه يعلم بالجزئيَّات علمه بالكليات . .
وكما تقدم في سورة المجادلة { مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ وَلاَ خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سَادِسُهُمْ وَلاَ أَدْنَى مِن ذَلِكَ وَلاَ أَكْثَرَ إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُواْ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا