@ 408 @ والسبات : الانقطاع عن الحركة . وقيل : هو الموت ، فهو ميتة صغرى ، وقد سماه الله وفاة في قوله تعالى : { اللَّهُ يَتَوَفَّى الاٌّ نفُسَ حِينَ مِوْتِهَا وَالَّتِى لَمْ تَمُتْ فِى مَنَامِهَا } ، وقوله تعالى : { وَهُوَ الَّذِى يَتَوَفَّاكُم بِالَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُم بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ } ، وهذا كقتيل بني إسرائيل وطيور إبراهيم ، فهذه آيات البعث ذكرت كلها مجملة . .
وقد تقدَّم للشَّيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه إيرادها مفصلة في أكثر من موضع ، ولذا عقبها تعالى بقوله : { إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتاً } أي للبعث الذي هم فيه مختلفون ، يكون السياق مرجحاً للمراد بالنبأ هنا . .
ويؤكد ذلك أيضاً ، كثرة إنكارهم وشدة اختلافهم في البعث أكثر منهم في البعثة ، وفي القرآن ، فقد أقر أكثرهم ببلاغة القرآن ، وأنه ليس سحراً ولا شعراً ، كما أقروا جميعاً بصدقه عليه السلام وأمانته ، ولكن شدة اختلافهم في البعث كما في أول سورة ص و ق ، ففي ص قال تعالى : { وَعَجِبُواْ أَن جَآءَهُم مٌّ نذِرٌ مِّنْهُمْ وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَاذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ * أَجَعَلَ الاٌّ لِهَةَ إِلَاهاً وَاحِداً إِنَّ هَاذَا لَشَىْءٌ عُجَابٌ } . .
وفي ق قال تعالى : { بَلْ عَجِبُواْ أَن جَآءَهُمْ مُّنذِرٌ مِّنْهُمْ فَقَالَ الْكَافِرُونَ هَاذَا شَىْءٌ عَجِيبٌ * أَءِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً ذَلِكَ رَجْعُ بَعِيدٌ } ، فهم أشد استبعاداً للبعث مما قبله ، والله تعالى أعلم . قوله تعالى : { كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ * ثُمَّ كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ } . لم يبين هنا هل علموا أم لا . ولكن ذكر آيات القدرة الباهرة على إحيائهم بعد الموت بمثابة إعلامهم بما اختلفوا فيه ، لأنه بمنزلة من يقول لهم : إن كنتم مختلفين في إثبات البعث ونفيه ، فهذه هي آياته ودلائله فاعتبروا بها وقايسوه عليها ، والقادر على إيجاد تلك ، قادر على إيجاد نظيرها . .
ولكن العلم الحقيقي بالمعاينة لم يأت بعد لوجود السين وهي للمستقبل ، وقد جاء في سورة التكاثر في قوله : { أَلْهَاكُمُ التَّكَّاثُرُ * حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ * كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ * ثُمَّ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ * كَلاَّ لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ * لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ * ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ } ، وهذا الذي سيعلمونه يوم الفصل المنصوص عليه