@ 407 @ .
وقد رجح ابن جرير : احتمال الجميع وألا تعارض بينها . .
والواقع أنها كلها متلازمة ، لأن من كذب بواحد منها كذب بها كلها ، ومن صدق بواحد منها صدق بها كلها ، ومن اختلف في واحد منها لا شك أنه يختلف فيها كلها . .
ولكن السياق في النبإ وهو مفرد . فما المراد به هنا بالذات ؟ .
قال ابن كثير والقرطبي : من قال إنه القرآن : قال بدليل قوله : { قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ * أَنتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ } . .
ومن قال : إنه البعث قال بدليل الآتي بعدها : { إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتاً } . .
والذي يظهر والله تعالى أعلم : أن أظهرها دليلاً هو يوم القيامة والبعث ، لأنه جاء بعده بدلائل وبراهين البعث كلها ، وعقبها بالنص على يوم الفصل صراحة ، أما براهين البعث فهي معلومة أربعة : خلق الأرض والسماوات ، وإحياء الأرض بالنبات ، ونشأة الإنسان من العدم ، وإحياء الموتى بالفعل في الدنيا لمعاينتها وكلها موجودة هنا . .
أما خلق الأرض والسماوات ، فنبه عليه بقوله : { أَلَمْ نَجْعَلِ الاٌّ رْضَ مِهَاداً * وَالْجِبَالَ أَوْتَاداً } ، وقوله : { وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعاً شِدَاداً * وَجَعَلْنَا سِرَاجاً وَهَّاجاً } فكلها آيات كونية دالة على قدرته تعالى كما قال : { لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالاٌّ رْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ } . .
وأما إحياء الأرض بالنبات ففي قوله تعالى : { وَأَنزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَآءً ثَجَّاجاً * لِّنُخْرِجَ بِهِ حَبّاً وَنَبَاتاً * وَجَنَّاتٍ أَلْفَافاً } كما قال تعالى : { وَمِنْ ءَايَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الاٌّ رْضَ خَاشِعَةً فَإِذَآ أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَآءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِى أَحْيَاهَا لَمُحْىِ الْمَوْتَى } . .
وأما نشأة الإنسان من العدم ، ففي قوله تعالى : { وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجاً } أي أصنافاً ، كما قال تعالى : { قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِى أَنشَأَهَآ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ } . .
وأما إحياء الموتى في الدنيا بالفعل ، ففي قوله تعالى : { وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتاً }