@ 387 @ على سيرة سيد المرسلين ، ويكون ذلك من باب : يحدث للناس من الأحكام بقدر ما أحدثت من البدع إلى آخره . .
وهنا لا ينبغي الإسراع في الجواب ، ولكن انطلاقاً من كلام شيخ الإسلام المتقدم ، يمكن أن يقال : إن كان المراد إحياء الذكرى لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإن الله تعالى قد تولى ذلك بأوسع نطاق حيث قرن ذكره صلى الله عليه وسلم مع ذكره تعالى في الشهادتين ، مع كل أذان على كل منارة من كل مسجد ، وفي كل إقامة لأداء صلاة ، وفي كل تشهد في فرض أو نفل مما يزيد على الثلاثين مرة جهراً وسراً . جهراً يملأ الأفق ، وسراً يملأ القلب والحس . .
ثم تأتي الذكرى العملية في كل صغيرة وكبيرة في المأكل باليمين ، لأنه السنة ، وفي الملبس في التيامن لأنه السنة ، وفي المضجع على الشق الأيمن لأنه السنة ، وفي إفشاء السلام وفي كل حركات العبد وسكناته إذا راعى فيها أنها السنة عن النَّبي صلى الله عليه وسلم . وإن كان المراد التعبير عن المحبة ، والمحبة هي عنوان الإيمان الحقيقي ، كما قال صلى الله عليه وسلم : ( والله لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه وولده وماله والناس أجمعين ) . .
فإن حقيقة المحبة طاعة من تحب ، وفعل ما يحبه وترك ما لا يرضاه أو لا يحبه ، ومن هذا يمكن أن يقال : إن ما يلابس عمل المولد من لهو ولعب واختلاط غير مشروع ، وأعمال في أشكال لا أصل لها يجب تركه وتنزيه التعبير عن محبته صلى الله عليه وسلم عما لا يرضاه صلى الله عليه وسلم . .
وقد كان صلى الله عليه وسلم هذا اليوم بالصوم ، وإن كان المراد مقابلة فكرة بفكرة . فالواقع أنه لا مناسبة بين السببين ولا موجب للربط بين الجانبين لبعد ما بينهما ، كبعد الحق عن الباطل والظلمة عن النور . .
ومع ذلك ، فإن كان ولا بد فلا موجب للتقييد بزمن معين بل العام كله لإقامة الدراسات في السيرة وتعريف المسلمين الناشئة منهم والعوام وغيرهم بما تريده من دراسة للسيرة النبوية . .
وختاماً فبدلاً من الموقف السلبي عند التشديد في النكير أن يكون عملاً إيجابياً في حكمة وتوجيه لما هو أولى بحسب المستطاع ، كما قال شيخ الإسلام رحمه الله ، وبالله تعالى التوفيق : .
ومن المناسبات ليلة القدر لبدء نزول القرآن فيها لقوله تعالى : { إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِى لَيْلَةِ