@ 382 @ .
ومما يشهد لما ذهب إليه رحمه الله ، اعتبار المناسبات كما في كثير من الأمور ، كما في قوله تعالى : { شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِى أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ } فجميع الشهور من حيث الزمن سواء ، ولكن بمناسبة بدء نزول القرآن في هذا الشهر جعله الله محلاً للصوم ، وأكرم فيه الأمة كلها بل العالم كله ، فتتزين فيه الجنة وتصفد فيه مردة الشياطين ، وتتضاعف فيه الأعمال . .
وكذلك الليلة منه التي كان فيها البدء اختصها تعالى عن بقية ليالي الشهر ، وهي ليلة القدر جعلها الله تعالى خيراً من ألف شهر ، وما ذاك إلا لأنها كما قال تعالى : { إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِى لَيْلَةِ الْقَدْرِ } السورة بتمامها . .
مسألة .
لقد أكثر الناس القول في اعتبار المناسبات في الإسلام وعدم اعتبارها ، ووقع فيها الإفراط والتفريط ، وكما قيل : * كلا طرفي قصد الأمور ذميم * .
ومنطلقاً من كلام شيخ الإسلام رحمه الله تقدم هذه النبذة في هذه المسألة ، وهي أنه بالتأمل في الشرع وأحداث الإسلام عامة وخاصة . .
أي في عموم الأمم وخصوص هذه الأمة ، نجد المناسبات قسمين مناسبة معتبرة عني بها الشرع لما فيها من عظة وذكرى تتجدد مع تجدد الأيام والأجيال ، وتعود على الفرد والجماعة بالتزود منها ، ومناسبة لم تعتبر ، إما لاقتصارها في ذاتها وعدم استطاعة الأفراد مسايرتها . .
فمن الأول يوم الجمعة ، وتقدم طرف من خصائص هذا اليوم في سورة الجمعة ، وكلام شيخ الإسلام رحمه الله ، وقد عني بها الإسلام في الحث على القراءة المنوه عنها في صلاة الفجر ، وفي الحث على أدائها والحفاوة بها من اغتسال وطيب وتبكير إليها ، كما تقدم في سورة الجمعة . .
ولكن من غير غلو ولا إفراط ، فقد جاء النهي عن صوم يومها وحده ، دون أن يسبق . بصوم قبله ، أو يلحق بصوم بعده كما نهى عن إفراد ليلتها بقيام ، والنصوص في ذلك متضافرة ثابتة ، فكانت مناسبة معتبرة مع اعتدال وتوجه إلى الله أي بدون إفراط أو تفريط .