@ 289 @ فكأن الفرع الذي هو القيمة سيعود على الأصل الذي هو الطعام بالإبطال ، فيبطل . .
ومثل ما يقوله بعض الناس اليوم في الهدي بمنى مثلاً بمثل ، علماً بأن الأحناف لا يجيزون القيمة في الهدي ، لأن الهدي فيه جانب تعبد ، وهو النسك . .
ويمكن أن يقال لهم أيضاً : إن زكاة الفطر فيها جانب تعبد طهرة للصائم وطعمة للمساكين ، كما أن عملية شرائها ومكيلتها وتقديمها فيه إشعار بهذه العبادة . أما تقديمها نقداً فلا يكون فيها فرق عن أي صدقة من الصدقات ، من حيث الإحساس بالواجب والشعور بالإطعام . .
وقد أطلنا الكلام في هذه المسألة ، لأن القول بالقيمة فيها جزء الناس على ما هو أعظم ، وهو القول بالقيمة في الهدي وهو ما لم يقله أحد على الإطلاق حتى ولا الأحناف . .
بيان القدر الواجب في زكاة الفطر .
اتفق الجميع على أن الواجب في زكاة الفطر على كل شخص عن نفسه ، إنما هو صاع بصاع النَّبي صلى الله عليه وسلم من جميع الأصناف المتقدم ذكرها . .
وخالف أبو حنيفة في القمح ، فقال : نصف الصاع فقط منها يكفي . وسيأتي بيان الراجح في ذلك إن شاء الله . .
ثم اختلفوا بعد ذلك في مقدار الصاع الواجب من حيث الوزن . فقال الجمهور : هو خمسة أرطال وثلث . .
وقال أبو حنيفة : هو ثمانية أرطال ، وخالفه أبو يوسف ، ووافق الجمهور . .
ما مقدار الصاع ، فهو في العرف الكيل ، وهو أربع حفنات بكفي رجل معتدل الكفين ، ولتفاوت الناس في ذلك عمد العلماء إلى بيان مقداره بالوزن . .
وقد نبه النووي أن المقدار بالوزن تقريبي ، لأن المكيلات تختلف في الوزن ثقلاً وخفة ، باختلاف أجناسها كالعدس والشعير مثلاً ، وما كان عرفه الكيل لا يمكن ضبطه بالوزن ، ولكنه على سبيل التقريب . .
ولهذا المعنى قال صاحب المغني : إن من أخرج الزكاة بالوزن عليه أن يزيد بالقدر الذي يعلم أنه يساوي الكيل ولا سيما إذا كان الموزون ثقيلاً .