@ 288 @ .
وقيل : إنه بعد أن يستلم الزكاة الواجبة من أجناسها يستبد لها من باب البيع والمعاوضة عملاً بما فيه المصلحة للطرفين . .
وقيل : إنه اجتهاد منه رضي الله عنه ، ولكنه اجتهاد أعرفهم بالحلال والحرام إلى غير ذلك . .
والصحيح الثاني : أنه تصرف بعد الاستلام وبلوغها محلها ولا سيما مع نقلها إلى المدينة بخلاف زكاة الفطر فليست تنقل ابتداء ، ولأن مهمة زكاة المال أعم من مهمة زكاة الفطر ، ففيها النقدان والحيوان . .
أما زكاة الفطر فطعمة للمسكين في يوم الفطر فلا تقاس عليها . .
أما الناقة الحسنة التي رآها صلى الله عليه وسلم ، وأنها بدل من بعيرين ، فهو من جنس الاستبدال بالجنس عملاً للمصلحة لم تخرج عن جنس الواجب . .
وأما الجزية يؤخذ منها قدر الواجب فلا دليل فيه ، إذ زكاة الفطر فيها جانب تعبد وارتباط بركن في الإسلام . .
وأما الجزية فهي عقوبة على أهل الذمة عن يد وهم صاغرون ، فأيما أخذ منهم فهو واف بالغرض ، فلم يبق للقائلين بالقيمة في زكاة الفطر مستند صالح فضلاً عن عدم النص عليها . .
وختاماً : إن القول بالقيمة فيه مخالفة للأصول من جهتين : .
الجهة الأولى : أن النَّبي صلى الله عليه وسلم لما ذكر تلك الأصناف لم يذكر معها القيمة ولو كانت جائزة لذكرها مع ما ذكر ، كما ذكر العوض في زكاة الإبل ، وهو صلى الله عليه وسلم أشفق وأرحم بالمسكين من كل إنسان . .
الجهة الثانية : وهي القاعدة العامة ، أنه لا ينتقل إلى البدل إلا عند فقد المبدل عنه ، وأن الفرع إذا كان يعود على الأصل بالبطلان فهو باطل . .
كما رد ابن دقيق العيد على الحنابلة قولهم : إن الاشنان يجزىء عن التراب في الولوغ . أي لأنه ليس من جنسه ويسقط العمل به . .
وكذلك لو أن كل الناس أخذوا بإخراج القيمة لتعطل العمل بالأجناس المنصوصة ،