@ 232 @ .
كما قيل : لا يقل الحديد إلا الحديد ، فلا يمنع كون أصله من نار ألا يتعذب بالنار ، كما أن أصل الإنسان من طين من حمإٍ مسنون ، ومن صلصال كالفخَّار ، وبعد خلقه فإنه لا يحتمل التعذيب بالصلصال ولا بالفخار ، فقد يقضي عليه بضربة من قطعة من فخَّار . والعلم عند الله تعالى . قوله تعالى : { إِذَآ أُلْقُواْ فِيهَا سَمِعُواْ لَهَا شَهِيقًا وَهِىَ تَفُورُ تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الغَيْظِ } . قال الشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه في إملائه في هذه الآية : إثبات أن للنار حساً وإدراكاً وإرادة ، والقرآن أثبت للنار أنها تغتاظ وتبصر وتتكلم وتطلب المزيد ، كما قال هنا : { تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الغَيْظِ } . .
وقال : { إِذَا رَأَتْهُمْ مِّن مَّكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُواْ لَهَا تَغَيُّظاً وَزَفِيراً } . .
وقال : { يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلاّتِ وَتَقُولُ هَلْ مِن مَّزِيدٍ } . قوله تعالى : { كُلَّمَا أُلْقِىَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَآ } . بين تعالى أن النار خزنة ، وقد بين تعالى أن هؤلاء الخزنة هم الملائكة الموكلون بالنار ، كما في قوله تعالى : { عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلاَظٌ شِدَادٌ لاَّ يَعْصُونَ اللَّهَ مَآ أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ } . .
كما بين عدتهم في قوله تعالى : { عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ } . .
وقال : { وَمَا جَعَلْنَآ أَصْحَابَ النَّارِ إِلاَّ مَلَائِكَةً وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلاَّ فِتْنَةً لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ } . .
قال الشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه في إملائه : دلت هذه الآية على أن أهل النار يدخلونها جماعة بعد جماعة ، كما في قوله تعالى { كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَّعَنَتْ أُخْتَهَا } . قوله تعالى : { أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ } . قال رحمة الله تعالى علينا وعليه في إملائه : هذا سؤال الملائكة لأهل النار ، والنذير بمعنى المنذر ، فهو فعيل بمعنى مفعل ، وإن ذكر عن الأصمعي إنكاره ونظيره من