@ 231 @ المفهوم ما جاء به عن قتادة : أن الله جعل النجوم لثلاثة أمور . أمران هنا ، وهما زينة السماء الدنيا ورجوماً للشياطين . والثالثة علامات واهتداء في البر والبحر ، وهذه الأمور الثلاثة تتعلق بالسماء الدنيا . لأن الشياطين لا تنفذ إلى السماوات الأخرى لأنها أجرام محفوظة ، كما في حديث الإسراء ( لها أبواب وتطرق ولا يدخل منها إلا بإذن ) . .
وكقوله : { إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِأايَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُواْ عَنْهَا لاَ تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَآءِ } . .
وكذلك ليس هناك من يحتاج إلى اهتداء بها في سيره لأن الملائكة كل في وضعه الذي أوجده الله عليه ، ولأن الزينة لن ترى لوجود جرم السماء الدنيا ، فثبت أن النجوم خاصة بالسماء الدنيا . .
وقد أشار تعالى إلى ذلك في قوله تعالى : { إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَآءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ وَحِفْظاً مِّن كُلِّ شَيْطَانٍ مَّارِدٍ } . .
ومفهوم الدنيا عدم وجودها فيما بعدها ، ولا وجود للشيطان في غير السماء الدنيا . .
وقوله تعالى : { وَجَعَلْنَاهَا رُجُوماً لِّلشَّيَاطِينِ } ، وهي الشهب من النار ، والشهب النار ، كما في قوله : { أَوْ ءَاتِيكُمْ بِشِهَابٍ قَبَسٍ لَّعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ } ، والرجوم والشهب هي التي ترمي بها الشياطين عند استراق السمع ، كما في قوله تعالى : { فَمَن يَسْتَمِعِ الاٌّ نَ يَجِدْ لَهُ شِهَاباً رَّصَداً } . .
وقوله : { إِلاَّ مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ } . .
وهنا سؤال ، وهو إذا كان الجن من نار ، كما في قوله : { وَخَلَقَ الْجَآنَّ مِن مَّارِجٍ مِّن نَّارٍ } ، فكيف تحرقه النار ؟ .
فأجاب عنه الفخر الرازي بقوله : إن النار يكون بعضها أقوى من بعض ، فالأقوى يؤثر على الأضعف ، ومما يشهد لما ذهب إليه قوله تعالى بعده { وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ } والسعير : أشد النار . .
ومعلوم أن النار طبقات بعضها أشد من بعض ، وهذا أمر ملموس ، فقد تكون الآلة مصنوعة من حديد وتسلط عليها آلة من حديد أيضاً ، أقوى منها فتكسرها .